ترتسم فوق رأسك المهموم عشرات علامات التعجُّب المدببة حينما تستمع إلى عشرات الرجال العاقلين يجتمعون بمجلس الشورى مضطرون إلى الحديث عن أي/ كل شيء. ومع أنك تعقد آمالك، أملا أملا، على ما يمكن أن يتمخض عنه ذلك الجمع المبارك إلا أن أمنياتك المتكدسة سرعان ما تتطاير وأنت تراقب أولئك السادة وهم يناقشون قضايانا المصيرية/ الأولوية ك: ما الرضاعة الأنسب بطفلك الجميل؟ وذلك الطفل لم تجد أمه سريرا لها حين ولادته، وهو ذاته الطفل الذي سيدرس بمطبخ بمبنى مستأجر قبل أن يعلق شهادته الجامعية على جدار غرفته حين تخرجه، وهو نفسه الطفل الذي سيزاحم الآلاف على (كسرة) وظيفة يتلاشى راتبها على إيجار مسكنه..! ولأن اهتمام بعض الأعضاء الموقرين بالتفاصيل وحرصهم على همومنا يتخطيان الأطفال نحو الكبار فإن تفانيهم بالحوار مؤخرا عن (توحيد الزي الوطني) يجعل الأمر أجدر بالخيبة وأحق باليأس ومؤشرا لتبرير الخوف من أن يصبح النقاش يوما ما عن (كيف تعدّ شوربتك بنفسك)..! حسنا.. ربما كانت (السوابق) أعلاه تشير إلى حالة من خلط الأولويات والقفز على المهم نحو الأقل أهمية، إلا أنها بالتأكيد لا تعد طموحا لذلك المواطن الذي ملّ من (التحلطم)، وأخذ بالتفكير جديا أن يصدّر صبره خارجا أو أن يطرحه للاكتتاب العام دون علاوة إصدار..! السادة أعضاء مجلس الشورى الموقرون: اطرحوا همومنا الحقيقية/ المهمة، وأعدكم بألا يتناول أطفالي حليبا مجففا، وألا يرتدوا إلا زيا وطنيا طوال حياتهم..!