يحمل سكينا في جيب حقيبته المدرسية بجانب كتبه وأدواته المدرسية.. ذلك هو الطفل الذي كان حتى عهد قريب وليدا صغيرا، يحبو بين أحضان والديه.. لكنه تحوَّل إلى طفل عدواني يتلذذ بإيذاء الآخرين، ويتسبب في إحراج والديه مع الجيران والأقارب وإدارة المدرسة.. هذا نوع من الأطفال، يرفع الإخصائيون صيحات التحذير من خطره القادم على المجتمع. تجربة مُرَّة تحكي منال الحيان عن معاناتها بسبب السلوك العدواني للأطفال، وهي التي خاضت غمار تلك التجربة مع ابنها البكر، وتقول: “في الحقيقة الأمر غاية في الصعوبة، فلا يستطيع أحد أن يوقف ذلك الطفل”. وأضافت أنه “في كثير من الأحيان يتصرف بدون عقل، ولا يعمل حسابا للعواقب التي تخلفها فعلته، فضلا عن معرفته بها”. وقالت الحيان عن نايف ولدها، إنه “كامل النمو ولم يصب بأي مرض يذكر، لكن ربما تكون الوحدة هي السبب في تكوين شخصية العدوانية”. وأضافت أنه “بعد سن الرابعة بدأت علامات العدوانية تظهر بوضوح في تصرفاته، وذلك بعد مخالطة لزملائه”. وأوضحت أنه “يحاول أن يمتلك كل شيء، ويضرب كل من يحاول منعه، بل يفسد أجواء المرح بين الأطفال بتصرفاته الفوضوية”. وقالت إنها لا تعلم ما هو مستقبل ذلك الطفل!. نار في مجلس ويذكر نايف الجنيدل أن “الدلع الزائد الذي يكون بصورة غير منطقية مع الضرب المبرح، كفيل بأن يخلق طفلا عدوانيا”. ودلل على ذلك بأخيه الصغير، وقال: “كانت طلبات أخي تلبى على الفور، في الوقت الذي كان يضرب على أي فعل يفعله من الجميع”. وأكد أن “السبب خلف ذلك السلوك هو ضرب الطفل أمام أقرانه الأطفال”. وقال الجنيدل إن “ذلك يزيد بالفعل في حبه للانتقام”. وذكر أنه “ذات مرة ضرب أخاه بشدة، وما كان من الطفل إلا أن ذهب إلى المجلس وأشعل النار فيه”. وأضاف أن “سلوكه العدواني بدأ يقل عن السابق، وذلك بعد أن أصبح يفهم عواقب تلك الأفعال”. اسبا العدوانية أظهرت بعض نتائج الدراسات أن عدوان الطفل يرتبط بالقسوة التي يمارسها الآباء في العقاب. وأشار إلى أن عدم التوافق بين الأبوين، والقصور في الرعاية التي تقدم للطفل، يمثلان أحد العوامل التي تقف وراء حدوث تلك الظاهرة. وذكرت الدراسة أن من بين تلك العوامل: - الدلال الزائد.. فقد يكون عدوان بعض الأطفال أو الشباب رد فعل لدلال سابق، عاشوه وهم أطفال في حياتهم الأسرية، إذا كانوا قد تعلموا خطأ أن تجاب طلباتهم بمجرد الغضب، وهم الآن يسلكون ذات الأسلوب مع الناس جميعا. يشار إلى أنه من الضروري أن يخفف الوالدان من الآثار السيئة للدلال المسرف فيه. - وجود نظام شديد صارم في المنزل أو المدرسة، يجبر الأفراد على احترام ظاهري شكلي لا يقتنعون به ولا يجرؤون على مخالفته، لذا فهم يجدون في سلوك الضرب والاعتداء على الآخرين متنفسا غير عادي لتوترات أعصابهم. - تعلم العدوان عن طريق النموذج.. ويشير بعض المتخصصين إلى أنه من المحتمل أن يتعلم الطفل سلوكا، بمجرد مراقبته لفرد آخر يمارس هذا السلوك، وقد لوحظ ازدياد درجة الضرب لدى الأطفال، الذين شاهدوا نماذج عدوانية لأشخاص آخرين أو أفلاما. - النجاح الذي يتوقعه الشخص نتيجة تجارب سابقة.. فنجاح بعض الأفراد في تجارب سابقة حققوا بها رغباتهم عن طريق العدوان، يؤدي إلى تعلم هؤلاء أن الضرب والعدوان أسرع وأقصر طريق للوصول إلى الهدف. ولذا يجب عدم تشجيع هؤلاء، وتعليمهم أن الوصول إلى تحقيق الرغبات بأسلوب خلقي مؤدب هو الذي يثمر وينجح، فالشر لا يجدي.