مفاجأة غير متوقعة لم أر فيلما في حياتي في السينما العربية ينتهي بموت البطل، فمنذ أن كنا صغارا ونحن نسمع ونرى أن في النهاية الفوز حتمي لصاحب المبادئ الحسنة، وينتصر الخير على الشر، إلا أن ما فعله خالد يوسف في فيلم (دكان شحاتة) كان العكس، وذلك نظرا للسوداوية التي غطت على عدسة يوسف، والفوضوية التي يتنبأ لها ويصورها من خلال نظرته التشاؤمية وتصويره الأوضاع المتردية وتفشي مشاهد الجوع والبلطجة. حبكة الفيلم تدور أحداث الفيلم والصراعات حول (دكان شحاتة) الذي سمّاه حجاج (محمود حميدة) باسم ابنه شحاتة، الأخ غير الشقيق لثلاثة إخوة وبنت، وقام بدور (شحاتة) الفنان عمرو سعد الطفل والشاب المدلل من والده، والذي يعيش تحت ظل مكائد إخوته التي تزيد بعد رحيل الأب الحنون.. فيحاول ويناضل من أجل بقاء الدكان إلا أن إخوته يبيعونه، وقبل بيعه يرمون ب(شحاتة) الطيب في السجن، ويتزوج شقيقه سالم من (بيسة) التي أحبها (شحاتة)، الذي يحاول بعد خروجه من السجن أن يعود إلى إخوته ويصدم عندما يعرف أن أخاه تزوج من خطيبته، ويعاني في البحث عن إخوته، وتكون المصادفة حضوره ليلة زفاف ابن شقيقه، وفي لحظة لقائه أخاه (طلبة) يخرج (شحاتة) صورة والده (حجاج) من جيبه، فترتفع وتيرة الحبكة الدرامية ومستوى العاطفة في المشهد، ولا يشتت ذلك سوى طلقات من مسدس سالم يغتال بها شقيقه الطيب (شحاتة)، وفي عز المشهد المؤثر يعلن له أحد الموجودين بأنه سينتقم له فيرد شحاتة: “دول اخواتي”، وكانت النهاية غير متوقعة. الفيلم فنيا ناجح، واحتوى على عناصر الدهشة، ونجح السيناريست في إبعاد المشاهد عن التفاصيل المملة. الإسقاطات السياسية عدا الصراعات الدرامية التي شهدها الفيلم، كان المخرج يتعمد إيجاد إسقاطات سياسية، مرة تكون بالشعارات الموجودة في الشوارع، ومرة من خلال الراديو والتلفزيون في بعض المشاهد، والتي تعكس أيدلوجية يوسف وتوجهه السياسي، فهو بدأ الفيلم متشائما من الأوضاع، وأنهى الفيلم بانتصار الشر. زكي القادم المتابع القريب لشخصية الفنان الشاب عمرو سعد يجد أنه المفاجأة الحقيقية في الفيلم، ويخيل للمشاهد بأنه ليس أمام نجم شاب بل أمام النجم الأسمر أحمد زكي نظرا للتقارب في الإحساس الدرامي والشكل والأداء، وظهر بطيبة ساذجة، ورغم الألم الذي واجهه من إخوته إلا أنه يبحث عنهم ويصر على مودتهم، ورغم فقدان الأب الحنون ومعاناة السجن إلا أنه لم يحقد على إخوته، وكان هذا الخط للشخصية متعمدا من السيناريست ناصر عبدالرحمن الذي رغب في كسب تعاطف المتابعين مع (شحاتة) من البداية حتى النهاية. نجاح وبراءة هيفاء أكثر المتفائلين بأداء الفنانة هيفاء وهبي، لم يكن يتوقع أن تقدم دورها بكل هذه الحرفية والإتقان من خلال تقمص شخصية (بيسة) الفتاة المغلوبة على أمرها، والتي تجد العذاب في حبها والمعاناة السيئة من أخيها كرم غباوة (عمرو عبدالجليل) ومن زوجها سالم (محمد كريم) الذي يقتل (شحاتة) في آخر الفيلم، وأدت الدور بانسجام كبير، ويبدو أن هيفاء وجدت ضالتها في دور (البساطة) لشعورها بالملل من حياة البذخ التي تعيشها على أرض الواقع، وربما لو أعطيت دورا آخر لما أتقنته بهذا التكنيك العالي. من جهة أخرى لم يكن في الفيلم مشاهد للرقص في المسجد مثلما ادعى البعض عليها قبل انطلاقة الفيلم.