بخطوات جريئة، اقتحم الشاب سالم مجال العمل في الشيشة والمعسل في أحد مقاهي الجبيل، رافضا الاستسلام لشبح البطالة غير آبه بالانتقادات اللاذعة التي وجهت إليه، والنظرة التي يرمقه بها بعض المقربين له. ويقول سالم إن ظروفه الصعبة ومعاناته المستمرة في البحث عن وظيفة تؤمن له قوت يومه، وتغطي احتياجاته الشخصية، قادته مضطرا إلى التمسك بهذه الفرصة، والمسارعة إلى القبول بهذا العمل، وأضاف أيضا أنه لا يأبه بنظرات المجتمع التي تنظر له بأعين الحيرة تارة، وبعين تدين ما يفعله تارة أخرى، فهو وسط كل تلك النظرات يشرف ويراقب ويحاسب ويحرص على خدمة الزبائن، بصورة تبين مدى جديته في العمل، وثقته بقراره في الالتحاق بهذه الوظيفة رغم كل ما يتعرض له من انتقادات مجتمع لا يرحم. ولم تقتصر معاناة سالم على بحثه عن وظيفة، رغم كل ما صادفه من أبواب مغلقة في طريقه، ورغم طرده من إحدى الشركات التي سبق له العمل بها، فالأمر تجاوز ذلك إلى كونه لم يجد مسكنا يؤويه، فاضطر إلى نصب خيمة صغيرة في أحد أحياء المدينة، يتوافد إليها أهل الخير ممن آسفهم الحال التي آل إليها ويجودون عليه ببعض الصدقات. وأضاف سالم لشمس” التي التقته في مقر عمله في المقهى أنه متزوج وله ابنتان، وأنه لم يجد سوى هذا الحل، فلم يترك طريقا إلا سلكه، حتى الجمعيات الخيرية التي طرق أبوابها لم تسعفه في هذه الظروف. وعن كيفية حصوله على هذا العمل، ذكر أنه زبون سابق لهذا المقهى، وأنه يرتاده في الماضي حينما لا يجد مسكنا يلجأ إليه، وبعد فترة طويلة تعرف على صاحب المقهى وذكر له رغبته العمل في هذا النشاط، فقابل الأخير هذه الرغبة بالترحيب وأن “ابن البلد أولى من غيره”. وذكر أنه لن يتردد بترك هذه الوظيفة إن أتيحت له فرصة أفضل. صاحب المقهى الذي فضل عدم ذكر اسمه أبدى تحمسه لفكرة سعودة المقاهي، وبين أن العمالة الوافدة تسيطر على هذا القطاع بالكامل. وعن النظرة الشرعية لها أجاب قائلا إن هذه المقاهي لا تعدو عن كونها وسيلة ترفيه، يجتمع فيها الكثيرون هربا من ضغوط الحياة اليومية، وأضاف أنه ملتزم بالشروط التي سنت على هذه المقاهي من عدم دخول الصغار وكبار السن، وأنه يتقيد بكافة الاشتراطات الصحية ووسائل السلامة. وعن تعامل جمعية الجبيل الخيرية أثناء مراجعته لها وطلب المساعدة، ذكر سالم أنهم اجتمعوا معه ووعدوه بمساعدته وإيجاد عمل له، وتوفير سكن مناسب، وهذا ما لم يحدث حتى الآن. من جانبه أكد أحمد السويدي الأمين العام لجمعية الجبيل الخيرية أن طلب سالم استُقبل فورا وتمت إحالته لقسم البحث الاجتماعي، الذي رأى حاجته إلى الإرشاد والتوجيه الاجتماعي قبل أن تقدم له أية مساعدات، وبعدها تم السعي بإيجاد سكن مناسب له، إلى أن تواصلت مع أحد أقربائه بمنطقة الباحة والذي تعهد بإيجاد وظيفة له، ولم شمله بعائلته مجددا.