أكدت دراسات سابقة أن الثروة السمكية الموجودة في بحار العالم ستختفي بعد 50 عاما من الآن؛ وذلك بسبب الصيد الجائر والتلوث والتغير المناخي الذي يؤدي إلى تغيرات كبيرة في حرارة البحار وبيئة الأحياء البحرية. وإذا كان هذا هو حال بحار العالم فإن الوضع في الخليج العربي شبه المغلق يبدو أسوأ بكثير؛ فهناك دراسة أشارت إلى إمكانية اختفاء بعض أنواع الأسماك المهددة بالانقراض كسمك الهامور المعروف، ويبدو أن هذا التحذير له ما يبرره، فهذا السمك المحلي بدأ في الانقراض الفعلي في المنطقة الشرقية وفي البحرين. لقد كان البحر ولمئات السنين مصدر الغذاء الرئيس لأجدادنا؛ إذ لا توجد عائلة خليجية ساحلية لم يعمل أحد أفرادها في الصيد البحري، حيث كانت الثروة السمكية تشكل نسبة مهمة في الناتج المحلي لبلدان المنطقة. وأسباب هذا التدهور يرجع إلى البيئة البحرية في الخليج، إضافة إلى الصيد الجائر والتلوث والتغير المناخي حيث نعاني في الخليج من تلوث بلون آخر تسببه المئات من ناقلات النفط التي لا تكتفي بتلوث البحر من خلال كمية الوقود المستخدم، وإنما أيضا برمي مخلفاتها القاتلة للأحياء البحرية بصورة غير قانونية ومخالفة للقوانين الدولية. وفي هذا الصدد لا ننسى الحروب التي عصفت بالمنطقة في العقود الثلاثة الماضية، وكذلك المخلفات البترولية التي تنجم عنها مخلفات ضارة بالحياة البحرية. إذاً نحن أمام ظاهرة خطيرة تهدد أهم مصادر ثرواتنا الغذائية الشحيحة، وفي هذا الصدد هناك إجراءات مشتركة يمكن لبلدان الخليج الاتفاق عليها وتطبيقها، وأولها يتعلق بإنشاء هيئة مشتركة لحماية البيئة البحرية تناط بها مراقبة حركة السفن، خصوصا ناقلات النفط، وفرض غرامات وعقوبات شديدة على السفن التي ترمي مخلفاتها، وكذلك إنشاء هيئة خاصة بتحديد فترات الصيد كتلك المتبعة في بعض البلدان والتي أسهمت في زيادة الإنتاج من خلال منع صيده في فترات التكاثر؛ لأن الاهتمام بالثروة السمكية لا يقل أهمية عن استثمارات مهمة في القطاع الزراعي في بعض البلدان الصديقة، بل ربما تفوقها بسبب وجودها في مياهنا الإقليمية.