عشرات عمليات السرقات لكيابل الحديد والنحاس، خاصة العائدة منها لشركة الكهرباء، تمت خلال السنوات الأخيرة في مختلف مدن السعودية، وترافق معها اكتشاف معامل بدائية للقص وإعادة التشكيل والصهر والتدوير تسهيلا للبيع. وكانت زيادة عدد السرقات والكميات المسروقة وانتباه اللصوص إلى هذا المصدر المغذي بالمال قد ارتبطت إلى حد بعيد بارتفاع أسعار الحديد عالميا ومحليا؛ حيث تأججت شهية السرقات وتنوعت أساليبها إبان الغلاء الكبير لأسعار الحديد، وأخذت في التراجع بمجرد انخفاض أسعاره، وهو ارتفاع تزامن تماما مع ارتفاع أسعار النفط عالميا، وانخفض بالتزامن مع انخفاضه. وعلى ما يبدو فإن الحصول على الحديد من الأماكن العامة والمفتوحة والبعيدة عن الرقابة وعن الاشتباه من جهة، وكذلك عوامل سهولة بيعه، إضافة إلى بقاء أسعار الحديد مرتفعة نسبيا من جهة ثانية، كل ذلك يجعل سرقة الحديد والكيابل مستمرة. وبدت شركة الكهرباء (المعتمدة على الكيابل في تمديداتها الطويلة داخل وخارج المدن وعلى الحديد في أبراجها) هدفا للصوص الذين طالما كبّدوا الشركة خسائر بالملايين في مختلف مدن البلاد، وحكم على الكثير ممن تم القبض عليهم من اللصوص بأحكام متفاوتة، كان آخرها هذا الأسبوع؛ حيث صدر الحكم في عملية سرقة دعامات أبراج الضغط العالي للأبراج المغذية لمدينة حفر الباطن، إضافة إلى مكونات حديدية أخرى لتلك الأبراج (قبل أشهر)، وهي العملية الأكبر والأغرب في سرقات الحديد محليا؛ حيث سقطت تلك الأبراج بمجرد هبوب عاصفة خفيفة وبالتالي تسببت في انقطاع الكهرباء عن مدينتي حفر الباطن والقيصومة؛ ما أدى إلى انكشاف موضوع السرقة. كما قُبض على لصين قاما ببيع كميات كبيرة من الحديد كخردة، وهو حديد اتضح أنه هو المسروق من الأبراج، وتكبدت شركة الكهرباء إثر ذلك خسائر بالملايين كما ذكر مسؤولوها، وكان حكم محكمة حفر الباطن قد تضمن حكما على أحد اللصين بالسجن عشر سنوات وجلده ثلاثة آلاف جلدة وغرامة 6.7 مليون ريال، وعلى الآخر (من قام ببيع الحديد) بالسجن سنة وجلده 120 جلدة. وما زالت شكوى شركة الكهرباء من السرقات مستمرة؛ إذ كان آخر ما كشفت عنه شرطة جدة حديثا متابعتها لسرقة كيابل عائدة لشركة الكهرباء في المخططات الجديدةبجدة، حيث إنه بمجرد نصبها وإعدادها للتشغيل يقدم اللصوص على انتزاعها وسرقتها، وهو أمر لم تسلم منه الرياض والطائف والباحة وأبها وغيرها من المدن فيما مضى. ولم تقف شهية لصوص الحديد عند حدود الكيابل، بل تعدتها إلى كل حديد ثقيل الوزن سهل الانتزاع والسرقة والبيع؛ فقد اكتشفت أمانة جدة أخيرا قيام لصوص بسرقة أغطية مناهيل تصريف مياه الأمطار في عدد من أحياء المدينة؛ حيث بلغ عدد الأغطية المسروقة 4500 غطاء، وتقوم الأمانة حاليا بالتنسيق المكثف مع الجهات الأمنية في هذا الصدد، وبالبحث في إجراءات احترازية تحول دون سرقة المزيد من المكونات الحديدية لأصولها وموجوداتها ومكونات مشاريعها الممتدة في كل شبر في المدينة.