من جانبه يقول مسفر. ن (طالب في الصف الثالث الثانوي): “أنا مدخن منذ أربع سنوات، وهذا يجعلني كثيرا ما أرتاد هذا المقهى في الأحوال العادية وخلال أيام الامتحانات، مصطحبا كتبي معي لأذاكر”. ويضيف: “أنا أمارس عادتي بالتدخين.. وأنا أعترف أنها عادة سيئة ومضرة ومزعجة في الوقت نفسه.. لكن تعودت على السيجارة كصاحب لي في المذاكرة”. ويوضح مسفر: “هذا الموضوع لن أستطيع فعله في المنزل؛ لذا اعتدت على التواجد في هذا المقهى، حتى أستطيع إنجاز مذاكرتي وفق ما أراه مناسبا لي، إلى أن يأتي الوقت الذي أستطيع فيه الإقلاع عن هذه العادة السيئة”. ويذكر: “لا أخفي عليك أن مسألة مذاكرتي في المقهى لم تقنع أهلي، ولا يزالون يعارضون بشدة هذا الفعل، ولكني أفعل ما أراه مناسبا بالنسبة لي في الوقت الراهن، كما قلت”. ضوضاء التركيز ويشير حاتم العتيبي (طالب أيضا) الى أنه “لو كان لدينا مكتبات تستقبل الطلاب على مدار الساعة، وخصوصا مكتبات الجامعات والمدارس مثلا، لما وجدنا هذه الأعداد من الطلاب، الذين يبحثون عن أماكن للدراسة”. ويوضح: “لا تزعجني الأصوات ولا الضوضاء، بل تمنحني مهارة التركيز”. ويضيف: “برغم وجود المؤثرات الخارجية، فأنا وزملائي نهرب من الضغط النفسي والتوتر، الذي غالبا ما يكون في أعلى درجاته، أثناء فترة الامتحانات”. ويذكر ان هذا “يؤثر سلبا في محاولات استجماع التركيز”. ويقول العتيبي: “هذا ليس كل شيء، فهناك الالتزامات العائلية التي لم تفلح محاولاتي المتكررة للهروب منها، وأنا موجود في المنزل”. ويؤكد ان “الملهيات في المنزل دائما هي أكثر منها هنا، فعلى الأقل هذا المكان الذي اخترته لنفسي بالمواصفات التي أجدها تناسبني”. ويوضح: “هو يفي بالغرض، فأنا دائما ما أنتهي من المذاكرة في وقت أقصر، وبجهد اقل بكثير مما أستغرقه وأنا في المنزل”. ويذكر العتيبي: “لا يمنع ذلك من وجود شباب جاد يبحث عن المكان الذي يساعده على المذاكرة، ويوفر عليه الوقت والجهد”. كسر الروتين وقد التقت “شمس” عبدالوهاب بن سعود الصفار طالب في السنة الرابعة بكلية الطب في جامعة الملك فيصل بالدمام؛ ليقول: “عادة الدراسة في المقاهي، أخذتها عن تجارب كثيرة لمجموعة من الأصدقاء، الذين باتوا مواظبين على التردد على المقهى محمَّلين بكراريسهم وكتبهم”. ويشير إلى ارتياحه للدراسة في المقهى، حيث يقول: “أفضل الدراسة هنا، حيث بإمكاني تبادل المعلومات مع زملائي في الكلية، ممن يرتادون المقهى ذاته بغرض الدراسة”. ويؤكد الصفار انه “إن صعب علي شيء ما في المقرر الدراسي، أناقشه مع زملائي لتتضح الرؤية بشكل أكبر”. ويضيف: “كذلك أستطيع تبادل المهارات المساعدة على التركيز، في مختلف الأجواء؛ ما يساعدني كثيرا، ويجعلني أستطيع تجاوز مراحل التأقلم في البداية، بل يساعدني الموضوع على مذاكرة المواد بصورة أسرع”. ويوضح الصفار: “وأيضا هناك دافع آخر وهو كسر حاجز الروتين والملل، الذي عادة ما يصاحبنا كطلاب أثناء عملية المذاكرة”. ويضيف: “أما في المنزل فأشعر بالنعاس والملل، حين أحاول التحضير للامتحان وحيدا”. هروب من الكسل ويقول هاشم نبيل: “الهروب من الكسل، الذي دائما ما يفضي بي إلى النعاس، وبالتالي النوم؛ ما يجعلني أجرب الدراسة في الأماكن العامة، ومنها المقهى”. ويضيف: “دائما ما أحاول انتقاء الأماكن التي تكون أقل إزعاجا نسبيا”. ويذكر انه “في أوقات معينة خصوصا من بعد صلاة المغرب وحتى الساعة التاسعة ليلا، يبدأ رواد المقهى في التزايد؛ ما ينتج منه الإزعاج غير المحتمل، الذي بالتأكيد لن يساعدني على إكمال المذاكرة”. لكن هاشم يستدرك ليقول: “كل هذا يأتي بعد أن أجتاز مراحل كبيرة من المادة المراد مراجعتها”. ويضيف: “من واقع تجربتي فإنني غالبا ما أستطيع إنهاء المذاكرة بمجهود أقل من الذي أبذله عادة في المنزل أو مكان سكني”. ثرثرة في المقهى ويوضح أحمد آدم، مدير احدى المقاهي الشهيرة بمدينة الخبر: “في هذه الأيام أكثر زبائني من طلاب الثانوية والجامعة، حيث يصطحبون كتبهم ويجلسون ليذاكروا”. ويضيف: “لكن كثيرا ما أجدهم يثرثرون عن الأساتذة، ويشتكون من صعوبة المقرر الدراسي أكثر مما يدرسون”. وعلى الرغم من عدم اقتناع أحمد بأن زبائنه من الطلاب يرتادون مقهاه بالفعل للمذاكرة، فإنه لا يفوت أي فرصة لجذبهم.. فالأمر لا يتوقف على تقديم القهوة والشاي والسندويتشات التي تحظى بشعبية كبيرة، أو حتى حجز طاولة تتسع لكل أفراد الشلة.. بل صار يرتب المكان بشكل يناسب حاجة زبائنه، فيقوم بخفض صوت الموسيقى، ويحجز للطلاب (الركن البعيد الهادي)، بعيدا من بقية الزبائن.. كما أنه صار يوفر كل ما قد يساعدهم على التركيز من جهة.. وأيضا توفير كل ما يجعل مقهاه مكان جذب للطلاب، لكي يتمكن من تحقيق الاستفادة الشخصية من جهة أخرى.