- قصة من الأدب السعودي(ة).. آخر ما يمكن أن تتمناه وأنت تمارس غفوتك اللذيذة غارقا بأحلامك فوق كرسي أحد باصات، عفوا طائرات الخطوط السعودية، هو تفجّ عينك اليسرى لتشاهد من خلال النافذة الدخان وقد تصاعد من تحت الطائرة قبل أن تقفز لحضن من بجانبك صارخا وأنت ترتجف ممسكا بشعرك: الطيارة بتطيح..! تمشط ذكرياتك الجميلة وتسترجع الأخرى البشعة تندب حظك العاثر على اختيار الطيران للسفر.. وتتمنى لو اخترت أحد (الكدادة) الذي تُحشر بسيارته الصفراء مع عشرة وافدين خير لك من هذا الفيلم المرعب.. حينذاك تنسدل أمامك تلك الشاشة التلفزيونية المشوشة، يطل بعدها عليك من تكتشف بحدسك كمواطن أنه مسؤول، مبرزا كتفه الأيمن ونصف وجهه على طريقة جميل عازاز ليقول لك بهدوء: عزيزي المسافر المتحلطم ما تراه لم يكن حريقا كما خيل إليك.. يهز رأسه بالنفي ليردف: ما شاهدته كان (بنشر).. تهدأ قليلا، تفارق حضن صاحبك المغلوب على أمره وأنت تخاطبه: بنشر ماغيره..! يمط شفتيه العريضتين مبتسما بوجه تملؤه الثقة قائلا: إيه بنشر ماغيره.. تأخذ مكانك على الكرسي، تلتفت للنافذة، ثم تلتفت لمسؤول البنشر مخاطبا إياه: حسنا لكن، كيف سنهبط؟..! هل سنستخدم أرجلنا كما كنا نفعل ب(سياكلنا) القديمة عندما نريد إيقافها؟..! فكما تعلم يا صديقي فإن وجودنا هنا ليس لداعي السفر وحسب بل والفزعة أحيانا.. يقهقه ضاحكا قبل أن يعبس فجأة: أهلا بكم على متن رحلاتنا.. قم بربط حزامك ولا (يكثر)..! يلكزك من بجانبك مخاطبا إياك: اصحى وصلنا ياعم.. بعدين الناس تحلم بتفاصيل وردية وأنت تحلم بطيارة مبنشرة..! تفرك عينيك الجميلتين وأنت تنهض مرددا: سبحان الله.. المسؤول دائما على حق.