هذا السعودي المقيم في سويسرا، الذي يدرس منتظما في جامعة تتخصص في إدارة الفنادق، هو يزيد محمد العقل، وعمره لا يزال دون ال20 سنة، ولكن طموحه واسع ومدهش، كدهشة من يلتقونه من المواطنين في عمله الليلي في المطعم. وتحدثت “شمس” مع يزيد من مقر إقامته هناك، فروى بعض التفاصيل عن حياته المهنية، وفيها ما يساعد الكثير من العاطلين على إعادة النظر في حياتهم، والانفتاح على مجالات العمل المتعددة، رغم أن الكثيرين ليس بمقدورهم السفر إلى سويسرا لدراسة إدارة الفنادق، غير أن في إصرار العقل على المضي قدما في تخصصه وعمله ما يدفع إلى التأكيد أن مثل هذه التجارب إن بادر إليها الشباب فسيجدون فيها المتعة وتحقيق الرغبة والإنتاجية.. والمال أيضا. الخطوة الأولى يروي العقل تفاصيل توجهه لهذا المجال منذ البدء، فيعيد ما حصل كله إلى والده، حيث كان في إحدى المرات في زيارة لمعرض تعليمي في دبي، وكان للجامعة السويسرية المتخصصة في تدريب وتأهيل العاملين في المجال الفندقي جناح في ذلك المعرض. ويبدو أن الأب أعجب بجناح الجامعة وبالمسؤولين عنها، فعرض على ابنه يزيد بعد عودته التفكير في الدراسة في هذه الجامعة، خاصة أن قطاع الفنادق والسياحة من القطاعات النامية التي ستشهد مستقبلا باهرا في الشرق الأوسط خلال سنوات قريبة. وراقت الفكرة ليزيد، وقرر أن يبحث عن هذا التخصص ويطلع عليه، فزادته المعلومات التي حصل عليها رغبة في خوض المجال؛ فقرر ذلك، وحزم أمره وحقائبه أيضا، واتجه إلى جنيف. ردود الفعل وكانت خطوة كهذه ستخلق كثيرا من ردود الفعل على كافة المستويات بدءا من أصدقاء الشاب، ومرورا بعائلته، وانتهاء بمجتمعه ككل. لكن يزيد المتحمس لمهنته المستقبلية يؤكد أنه من جانب عائلته لم تصدر أي ردود فعل غاضبة أو حتى متحفظة على هذا القرار، وقد يكون لدور والده في توجيهه نحو هذا التخصص أثر على موقف العائلة التي قال يزيد إنها شجعته ودعمته، وأعادت على مسامعه كثيرا أن هذا التخصص نادر جدا محليا، وسيحقق له حياة أفضل في حال أبدع فيه. أما ردة فعل مدير المطعم الذي تقدم يزيد بطلب وظيفة مسائية لديه فكانت طبيعية جدا، رغم أن إدارة المطعم اندهشت من وجود (سعودي) يريد العمل، في الوقت الذي ترى فيه السعوديين (من زوار سويسرا وأمثالها) يبذرون أموالهم ويستهينون ربما في دواخلهم بمثل هذه المهن. لكن مدير المطعم رغم دهشته وافق على طلب العقل، وانتظم في عمله ولم يواجه منذ انخراطه أية إساءات عنصرية من السويسريين أو سواهم، كما لم يُعامَل بطريقة خاصة أو بتمييز عن بقية موظفي المطعم. أما السياح من العرب والسعوديين هناك فكانت ردة فعلهم مزيجا من التكذيب الأولي، ثم الاستغراب الشديد؛ فهم لم يسبق أن رأوا نادلا مواطنا في مطعم بالقاهرة أو بيروت أو دبي، بل لم يروهم في الرياض أو جدة أو غيرها، وبالتالي فالمفاجأة والغرابة هي ما يخرج به السياح عندما يلتقون يزيد، الذي قال إن معظم الزبائن العرب يخرجون من المطعم وهم مصرّون على تكذيبهم إياه بخصوص جنسيته وأصله، رغم ملامحه وسحنته الشرق أوسطية الواضحة، وإجادته الحديث باللهجة العربية المحلية الحجازية. ولا يعلم العقل كيف ستكون ردة فعل المجتمع ككل، التي سيختبرها في حال قرر الزواج؛ فربما تمتنع عوائل عدة عن تزويجه ما دام بهذه المهنة، ولكنه لا يفكر في هذا الأمر حاليا؛ كونه في ال18 من عمره، ويفضل التركيز حاليا على دراسته بدلا من (هواجس) الزواج، الذي يضمن أنه سيتحقق له حتى لو امتنعت عائلة أو اثنتان. ضوء على الدراسة تعلّم يزيد أثناء إقامته هناك اللغة الإنجليزية بطلاقة، كما تعلم مبادئ اللغة الفرنسية، غير أنه لا يزال يأخذ حصصا فيها في الجامعة، التي يدرس فيها، إضافة إلى تخصصه الرئيسي: إدارة الفنادق والمطاعم، وكذلك السياحة والمحاسبة، إلى جانب دروس عملية في المطبخ والخدمة. ولا يدرس في هذه الجامعة بحسب العقل سوى ثمانية - تسعة طلاب عرب، من بين 700 طالب من شتى الجنسيات. وعن عمله كنادل حاليا في المطعم قال إن الجامعة تجبر طلابها على التدرّب مدة أربعة أشهر بشكل إجباري، لكنه سيمدد عمله إلى ستة أشهر لكسب الخبرة. ما بعد العودة يخطط العقل بعد عودته إلى البلاد، من أجل العمل في مطاعم قائمة، لفترة، وتقوم استراتيجيته على أن يعمل مبتدئا حتى تتضح مكتسباته التدريبية والأكاديمية، ثم سيركز هدفه على الحصول على وظيفة مدير فندقي، مشيرا إلى أن دراسته الأكاديمية فتحت له كثيرا من خبايا العمل الفندقي الحديث، وهو يرى أن التوجه الجديد للفنادق هو الربح عن طريق قسم التموين في الفندق وليس الاعتماد الكلي على بيع الغرف، وأضاف: “أنا للأسف لا أعرف أي شيء عن توجه الفنادق للخبرات السعودية، ولكنني متأكد من أنهم سيقبلونني بلا تردد بسبب التعليم الخارجي والخبرة السابقة”.