قد يبدو غريبا للوهلة الأولى التصديق بوجود مدرب مواطن يدرب الفتيات على الفنون القتالية والدفاع عن النفس، ولكن هذا ما يحصل بالفعل مع المدرب عبدالله العلي آل عسوج. الذي بدأ ممارسة تدريبات الدفاع عن النفس منذ وقت مبكر من عمره وطوّر مهاراته في هذا المجال وتدرب ودرّب في جهات عديدة، قبل أن يقرر تقديم المعرفة التي اكتسبها لغيره، وبدا له من خلال متابعته الاجتماعية أن المواطنات أشد حاجة إلى فنون الدفاع عن النفس خصوصا المبتعثات والموظفات ممن لا يعرفن على الإطلاق أي وسيلة للدفاع عن النفس في الشارع؛ ما دفعهن إلى البحث عن مدربين فكان آل عسوج في مقدمة الموثوق بهم لتلقي التدريبات في الرياض. مشوار حافل يقول آل عسوج في حديثه إلى “شمس”، أنه بدأ ممارسة الألعاب القتالية منذ كان في الصف الرابع الابتدائي؛ أي قبل نحو 22 سنة، وحصل خلال هذه الفترة على الحزام الأسود الرابع، وحصل على امتياز تدريب اللعبة على مستوى البلاد، كما حقق ثلاث بطولات رياضية في التايكوندو لثلاث سنوات متتالية (1997 1998 1999)، ثم توقف عن المشاركة بالبطولات لانشغاله بالدراسة الجامعية. ودرّب آل عسوج خلال هذه الفترة في عدة جهات من بينها القوات الجوية، والمركز الأولمبي للدفاع عن النفس، وفي جامعة الملك سعود، وكذلك في كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وفي مجمعات تعليمية أخرى ومدارس متعددة. النساء.. الأكثر طلبا ويشير المدرب إلى أنه رصد طلبا كبيرا على تدريبات الدفاع عن النفس من قبل سيدات أعمال وموظفات وطالبات مواطنات وأجنبيات خصوصا طالبات الابتعاث اللواتي يردن تعلم طرق يحمين بها أنفسهن من مخاطر السرقات والتحرش الجنسي وما إلى ذلك. وأوضح آل عسوج أنه منذ بدأ مهام التدريب الخاص في صالة خاصة بحي السفارات، انضمت إليه خمس سيدات أعمال وعدد لم يحدده من طالبات المرحلة الثانوية، إضافة إلى مجموعة أطفال ومراهقين يفضل أهاليهم أن يتلقوا مبادئ في هذه الهواية الرياضية. ليس كل ممارس مدربا وفيما يخص التدريب يقول عبدالله إنه يختلف من شخص إلى آخر؛ فهو يحتاج إلى صبر وإلى توصيل معلومة وليس كل مدرب قادر على توصيل المعلومة، ويمكن أن تجد مدربا بطلا في الميدان والقتال والمباريات والبطولات، أما في التعليم وكيفية توصيل المعلومة والشرح وتسهيلهما وتحبيبهما إلى الآخرين في هذه اللعبة؛ فليس كل الممارسين قادرين عليها، ويؤكد أن نسبة المدربين من الممارسين لا تتجاوز 1 إلى 2 في المئة فقط. ويشير المدرب إلى أن تدريباته تمنح الفتاة أمانا وثقة بنفسها، “فلو ذهبت إلى أي مكان في وقت متأخر وتعرضت لموقف فإنها ستستطيع الدفاع عن نفسها؛ حيث يمكنها أن تستخدم يدها والكوع والأصبع كأسلحة للدفاع عن نفسها، وتحتاج الفتاة لتتتقن هذا التدريب، بحسب آل عسوج، إلى ما بين ثلاثة أشهر وسنة، وعندها تكون قادرة ومتمكنة وتعرف بدقة مناطق قوتها ومناطق ضعف خصمها ويمكنها التغلب عليه بسهولة. لا تدريب بدون إذن وأوضح آل عسوج أنه بحكم موقع تدريبه في حي السفارات فإن بعض السفارات الأجنبية تطلبه لتدريب طواقمها، كما أنه يوقع عقودا مع أسر وعوائل للقيام بتعليم أبنائها فنون اللعبة في صالات خاصة بالمجمعات السكنية. ويقول إن الصالات الموجودة الآن لتدريب النساء لا يتجاوز عددها ثلاث صالات في الرياض، وغالبا ما تكون المدربات من جنسية فلبينية، وهن لا يعرفن شيئا في هذا المجال، وكل ما يقدمنه هو بعض الحركات المثيرة ولكن غير الفعالة. وأكد آل عسوج أنه يرفض تماما القيام بتدريب سيدة أو فتاة دون إذن من ولي أمرها، كما يرفض التدريب في المنازل ما لم تكن هناك صالة مجهزة للتدريب. مواقف من المتدربات ويروي المدرب أن أربع متدربات لديه واجهن موقف خطف من قبل مجموعة، ولكنهن تمكن من التغلب على المعتدين بسهولة وطرحهم أرضا، كما أشار إلى أن إحدى متدرباته تغلبت على أربعة متحرشين دفعة واحدة، مؤكدا أن ذلك منبعه الثقة بالنفس أولا وليست القدرة الجسدية، والثقة هي العماد الذي تقوم عليه فنون الدفاع عن النفس وحركات اليد الخالية القتالية. كما يروي آل عسوج أن إحدى المتدربات لديه، هي سيدة مواطنة وقالت إنها تريد أن تتعلم كيفية الدفاع عن النفس لأن زوجها يضربها بشكل أسبوعي، وبعد فترة من التدريبات تعرضت للضرب لكنها خافت ولم تدافع عن نفسها رغم معرفتها بقدراتها الحركية، وكادت تنسحب من التدريبات لولا تكثيف حصص الثقة بالنفس، التي مكنت المرأة في جولة الضرب التالية من الدفاع عن نفسها أمام زوجها الذي انبهر قليلا وخاف كثيرا من قوتها ولم يعد يقترب منها من ذلك الحين.