بعد أن هاتفني أحد الحجامين الذين لا يحملون أي مؤهل علمي أو تصريح صحي بمز ا و لة ا لحجا مة ، وأخبرني بسهولة عمل الحجامة، بعيدا عن أعين رقابة وزارة الصحة، وأنها طريق سهل للثراء في ظل جهل بعض المواطنين بالأنظمة والقوانين.. قررت أن أقتحم عالم الحجامة؛ لإثبات غياب الدور الرقابي لوزارة الصحة، ولإثبات صحة القول بجهل بعض المواطنين عن أضرار هذا العمل، وسهولة الاحتيال عليهم. المحرر الحجَّام بدأت مستعينا بالله خطوتي الأولى بوضع إعلان، تم تعليقه في إحدى اللوحات الدعائية في أحد أكبر المجمعات التجارية، وكتبت فيه (من أراد عمل الحجامة الاتصال على رقم.....).. وما هي إلا سويعات قليلة، حتى انهالت مكالمات الزبائن على جوالي.. من بينهم كبار سن وشباب، وغالبيتهم سبق أن عمل حجامة عند محجمين شعبيين. الغريب في الأمر أن جميع من هاتفني لم يسأل عن مؤهلي، أو حتى عن وجود تصريح رسمي بمزاولة هذه المهنة.. بعدها حددت موعدا مع أحد المتصلين بعمل الحجامة له.. ذهبت في الصباح الباكر إليه في مقر سكنه وعملت له الحجامة، دون أي علم أو دراية مسبقا لي بهذا العلم، وبمقابل مبلغ مالي تجاوز ال200 ريال. أنهيت مهمتي وأنا أرأف بحال بعض المواطنين الذين من السهولة خداعهم والنصب عليهم، إضافة إلى دفعهم مبالغ مالية كبيرة.. ورحت أتساءل: أين الدور الرقابي لوزارة الصحة، وعملها في حماية المواطنين، جهل وجشع هؤلاء الحجامين؟.. ومتى يعي المواطن خطورة التعامل مع هؤلاء على صحته؟ صديق الحجامة التقيت أحد الذين يحب أن يطلق عليهم لقب (صديق الحجامة) وهو سعد العمري؛ الذي يتحدث عن هذا الموضوع، ويقول: “عانيت مرارا وتكرارا من هؤلاء الحجامين، الذين لا يحملون تصريحا رسميا بمزاولة الحجامة”. ويضيف: “تنقلت بين كثير منهم طلبا لحجامة آمنة ونظيفة، لكن للأسف لا يهتم المحجم إلا بالربح المادي فقط”. ويوضح: “وصل الموضع الواحد إلى أكثر من 100 ريال”. ويذكر العمري: “لا يعتني هؤلاء الحجامون بالنظافة، إلا إذا رأوا إصرارا وطلبا ملحا من الزبون”. ويضيف: “إنهم لا يوفرون مكانا مخصصا آمنا من التلوث، بل يحضر البعض إليك في أي مكان توجد فيه، بغض النظر هل هو صحي أم لا”. ويقول: “نجد مغالاة في السعر، وكأنهم يحملون شهادات عليا في هذا العلم، وهم لا يحملون حتى الشهادة الثانوية”. ويناشد العمري المسؤولين في وزارة الصحة بضرورة التدخل ومنع تجار الحجامة، كما أسماهم. ويطالب بوضع آلية تحد من خطورتهم. ويدعو إلى وضع ضوابط وشروط لمن يرغب في مزاولتها. كما يطالب بتدريس الحجامة في الكليات الصحية، “حتى يكون مزاول هذه المهنة صاحب شهادة وخبرة وتحت مظلة وزارة الصحة”. ويدعو وزارة الصحة إلى وضع رقم اتصال للإبلاغ عن الممارسات الصحية غير النظامية. ألعوبة جشع ويقول فهد المانع: “نظرة بعض المواطنين القاصرة إلى الحجامة هي سبب وجود كثير من الحجامين، كما أن الفهم الخاطئ بأن كثرة نزف الدم دليل على جودة وإتقان الحجام، يساعد هؤلاء، على زيادة عدد مواضع الحجامة بالجسم، بغض النظر عن خطورة هذا الأمر”. ويضيف: “للأسف بعض الحجامين يتظاهر أمام الزبون باستخدام مواد جديدة، لكنها تكون من النوع التجاري، الذي قد يضر بالإنسان، خاصة في التشريط ووضع الكاسات على الجلد”. ويوضح: “الحجامة الآن ألعوبة في يد بعض المنتفعين والجشعين”. افتقاد المصداقية ويرى عبدالله صالح، أن بعض الحجامين يفتقد المصداقية. ويضيف: “هناك تناقض واضح بينهم، وكل يدعي أنه أعلم من الآخر”. ويوضح أنه “لا بد من الحد من هذه العملية التي أصبحت تجارة، ولا هم للبعض سوى الكسب المادي”. ويتساءل عبدالله: “لماذا لا توجد جمعية أو عيادات صحية تتبع وزارة الصحة مباشرة، لمتابعة هذه العمليات، ولو بمقابل رمزي؟”. كيف تحجِّم؟ “شمس” اتصلت بأحد الحجامين وسألته، كيف يصبح الشخص حجاما، ويمارس هذه المهنة؟.. فأجاب: “من السهل أن تصبح حجاما، وكل ما عليك إلا أن تمارس الحجامة أكثر من مرة، وأن تعرف مواضعها، وبعدها تصبح من الحجامين المشهورين في البلد”. وعن دخله الشهري من الحجامة، رفض ذكر رقم معين، لكنه أكد أنه باب رزق كبير. قديم جديد من جهته؛ أوضح الدكتور إبراهيم الصحاف استشاري الطب الشرقي والوخز بالإبر الصينية ورئيس وحدة الطب الصيني والبديل بمستشفى سعد التخصصي بالخبر، أن “الحجامة علاج طبيعي تقليدي يستخدم منذ آلاف السنين”. وقال إنها الآن تمارس في الغرب على مستوى عال جدا، لكن بأيدي متخصصين ومؤهلين علميا ودراسيا. وأوضح أن الحجامة معناها إزالة الشوائب والترسبات والسموم التي تتواجد داخل الجسم سواء بالدم أو الأعضاء الداخلية. وأشار الصحاف إلى أن هناك نوعين من الحجامة؛ الحجامة الشعبية: وهي التي يمارسها المعالجون الشعبيون، الذين اكتسبوها بالخبرة وبلا دراسة، وعادة هؤلاء يحفظون المواقع حفظا ويضعون الكاسات حسب طلب الشخص، ولا يفرقون بين مرض وآخر. وأضاف أن الحجامة الطبيعية: ويكون الممارس دارسا مؤهلا في مجال الطب وعالما بالتشريح والفسيولوجيا والفحص الاكلينيكي. التعقيم وعن طرق الحجامة الصحيحة؛ قال الصحاف: “لا بد أولا من إجرائها في مكان صحي معقم وخالٍ من الجراثيم والأدوات المستخدمة ذات مواصفات عالمية وصحية، وكذلك ينطبق على الممارسين والعاملين، فلا بد أن يهتموا بالتعقيم الشخصي قبل ملامسة الشخص”. وأضاف: “لا بد من عمل الفحص المختبري للدم الخاص بمعدل نزف الدم، قبل إجراء الحجامة؛ حتى يتم يتأكد من عدم النزف”. وعن الأضرار الناتجة عن عمل الحجامين غير المؤهلين؛ قال الصحاف: “الأضرار كثيرة، منها نقل العدوى والتهاب الجروح وظهور ندبات للجروح بعد الالتئام؛ بسبب سوء التشريط، والنزوف الدموي والمضاعفات الطبية والمرضية، وعدم القدرة على التعرف الطبي في حالة الإغماء، المبالغة في وضع الكاسات. فوائد كثيرة وعن فوائد الحجامة، أوضح الصحاف أنها عظيمة، ومنها تنقية وتصفية الدم من السموم، وزيادة عدد كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، وزيادة المناعة، وتنظيم عمل وظائف الأعضاء الداخلية، وإعادة النشاط والحيوية، وعلاج وإزالة بعض العوارض المرضية، والاسترخاء وإزالة القلق والتوتر وتنظيم النوم. وحول أبرز الحالات التي عولجت عن طريق الحجامة؛ ذكر الصحاف أنها تحسّن وظائف الكبد والكلى والأملاح الفسيولوجية، ومنها أيضا علاج الصداع والشقيقة والآم الظهر والمفاصل وعرق النساء واضطرابات النوم والأعباء والتعب وتنظيم مستوى ارتفاع الضغط والسكر. وأوصى الدكتور إبراهيم بألا تعمل الحجامة في الأماكن العامة أو البيوت أو الاماكن غير الصحية، حتى لو بواسطة أشخاص مؤهلين، والتأكد من أن الشخص مؤهل علميا، والتأكد من الحالة الصحية للمريض، ومن نظافة الأدوات المستخدمة، بأن تكون معقمة وجديدة وغير تجارية، وأن تعمل بمراكز طبية وبإشراف طبي متكامل.