دون وجودهم فإن المباراة مهما كانت قيمتها ستكون متعتها ناقصة، وأجواء الإثارة قد تكون معدومة إلى حد بعيد.. الجماهير هم ملح كرة القدم، ودائما ما نسمع عن الخلافات والنزاعات التي تحصل فيما بينهم فور نهاية المباريات أو حين إقامتها؛ لذلك دائما ما نشاهد عملية الفصل بين المشجعين؛ خوفا من نشوب مشكلة ما، وأيضا كثيرا ما نرى تقارير تفيد بآلاف من مكافحي الشغب سيتواجدون في مباراة (الديربي). تلك الأمور لها مبرراتها؛ فمن ينسى ما حدث بين مشجعي ليفربول ويوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا 1986؟ ومن ينسى المشاهد المتكررة لحالات الشغب في إيطاليا والأرجنتين؟.. ولكن على الرغم من أجواء المستديرة المشحونة إلا أن هنالك صداقات حميمة أصبحت تربط بين ناد وآخر تماما كما هي العداوات. ألمانيا أم الصداقات ويعتبر الدوري الألماني الدوري الجماهيري الأول على مستوى أوروبا؛ نظرا إلى الحضور الجماهيري المهول لكافة مبارياته، وهذا كان سببا لتزايد حب المشجعين ببعضهم وليس العكس، تماما كما يحدث بين جمهور بايرن ميونخ مع بوخوم، حيث تربط رابطتي مشجعي الناديين صداقات حميمة. ونظرا لابتعاد بوخوم منذ فترة طويلة عن منصات التتويج فإن جماهير هذا النادي غالبا ما تساند النادي (البافاري) وتحرص على حضور مبارياته، لدرجة أن إحصائية قامت بعملها صحيفة (بيلد) الألمانية قبل عدة أسابيع كشفت أن 18 في المئة من الحضور الجماهيري بملعب (اليانز ارينا) الخاص بالبايرن هم من محبي بوخوم. وتنافس جماهير شتوتجارت وهانزا روستوك في صداقاتها ما تقوم به جماهير البايرن وبوخوم؛ كون غالبية (الشالات) التي تباع بالملعب الخاص لشتوتجارت يوضع بداخلها شعار روستوك تعبيرا لحب الجماهير لهذا النادي، وازدادت علاقة الجماهير منذ عام 2007 بعد أن حضر أكثر من 12 ألف متفرج من جمهور هانزا لملعب شتوتجارت الذي يسع ل48 ألف نسمة لمساندته في اللقاء المصيري الذي سيحسم اللقب لشتوتجارت في حال فوزه، ومن حسن الحظ تمكن الفريق من فعل ذلك وبدأت جماهير الناديين بالاحتفال سويا رغم البعد الجغرافي بينهم؛ حيث يقع شتوتجارت في جنوب غرب ألمانيا بينما يقع هانزا في أقصى الشمال. خليط فرنسي أسكتلندي ومن المفارقات الغريبة في تكوين العلاقات بين الجماهير ما حدث بين رابطة مشجعي سيلتك الأسكتلندي مع باريس سان جرمان بعدما التقى الناديان في الأدوار النهائية لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي عام 1990، ويجري نظام المسابقة الأوروبية على أن يلعب كل ناد في ملعب الآخر بنظام الذهاب والإياب، وكان اللقاء الأول قد أقيم في باريس، إلا أن جماهير سان جيرمان ظلت صامتة في غالب فترات المباراة، ليس بسبب أداء لاعبيها السيئ، بل لإعجابها بأهازيج النادي الأسكتلندي. وفي لقاء الإياب الذي أقيم بأسكتلندا كان هنالك ترحيب حار من جماهير السيلتك بعدما وضعت لافتة كبيرة كتب عليها (مرحبا بأصدقائنا الذين قدموا من باريس) ليكونوا قد بادلوا جماهير سان جيرمان الإعجاب. وفي النهاية خرجت الجماهير الأسكتلندية حزينة بسبب خسارة فريقها 0 / 3، إلا أنها رفضت تغيير نظرتها بجماهير النادي المنافس، وأخذت تصفق لنجوم ولاعبي باريس سان جرمان بحرارة، واعدين بمؤازرتهم في الأدوار المقبلة، ولا تزال تلك الصداقة موجودة؛ حيث توضع لافتات تخص السيلتك على ملعب سان جيرمان، والعكس صحيح أيضا. توريس يلمّ شمل الجماهير غالبا ما نسمع عن جماهير ناد تثار ثائرتها ما إن ينتقل نجم الفريق الأول لأحد الأندية المنافسة، ولكن هذا الأمر لم يحدث مع فيرناندو توريس الذي انتقل من اتلتيكو مدريد الإسباني إلى ليفربول الإنجليزي، بدليل لقاء الفريقين بدوري المجموعات لبطولة دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، بعد أن أحبت جماهير اتلتيكو نادي ليفربول بأسره بسبب معشوقها السابق توريس، وأخذت تردد أهازيج ليفربول (لن تسير وحدك) في اللقاءين، في لفتة تدل على عدم غضبها من رحيل توريس، بل العكس؛ فإن هذا الانتقال سبب علاقة مودة بين جماهير الفريقين في لقاءَي الذهاب والإياب بتكرار نفس السيناريو، ومن الجيد أن اللقاءين قد انتهيا بالتعادل 1 / 1، ومن الجيد أيضا أن توريس لم يسجل في ناديه السابق.