لا جدال حول أهمية الابتعاث، وما له من فوائد تعود على الفرد، والمجتمع، والوطن، ولكن ما يستحق النقاش والمراجعة هو الفئات المستهدفة للدراسة في الخارج. ولن آتي بجديد إن قلت إن أولى الفئات التي تستحق إعادة النظر هي شريحة المراهقين الذين تخرجوا للتو من الثانوية، وقد سبق أن تحدث المهتمون عن مخاطر إرسالهم للدراسة دون تهيئة، مستشهدين بالأخبار التي يطالعنا بها الإعلام من وقت لآخر عن مشكلات المبتعثين. أما الفئة الثانية التي أزعم أن الكثير غفل عنها فهم: المبتعثون من العاطلين عن العمل، ممن لم يجدوا مخرجا من بطالتهم بعد أن (توسدوا) شهاداتهم وقتا طويلا سوى الابتعاث! هؤلاء لم ينجحوا في تحقيق شيء في واقعهم، مع أنهم يحملون شهادات تؤهلهم لذلك، فلاذوا بالدراسة النظرية، ومشكلة هؤلاء ستتضح حين يعودون بشهاداتهم العليا إلى مراكز مؤثرة في الوزارات، أو في الجامعات، حينها سنجد أننا أمام شريحة كبيرة من المنظّرين/ الكلمنجية، البعيدين عن الواقع ليس ترفعا عنه ولكن جهلا به!، وسنسمعهم يقولون بالأفكار والأطروحات الجميلة، لكنها حالمة سرعان ما تتلاشى على أرض الواقع! خلاصة القول، وما أتمناه هو: أن يحظى الموظفون من القطاعين الخاص والحكومي بالنصيب الأكبر من البعثات؛ فهؤلاء تسلحوا بالتجربة المهنية/ الميدانية، فإن زادوا على ذلك دراسة أكاديمية تمكنهم من الاطلاع على ما استحدث في تخصصاتهم، فالمأمول منهم أن يحدثوا إنجازات، وتغيرات ذكية في إدارتهم!، أضف إلى ذلك أن تفريغهم للدراسة سيتيح شواغر وظيفية للعاطلين عن العمل.