جاء الحديث المثير للشيخ عبدالرحمن بن سعيد صاعقا ومزعجا، غير أن المزعج أكثر هو أن يوجد في عصر الانفتاح الإعلامي من يدعو إلى تكميم الأفواه وتقديس الأشخاص وتجريد البشر من طبيعتهم المغموسة بالأخطاء..! لستُ مع كثيرين بالغوا في شتم ابن سعيد وأسهبوا في تقزيم دوره، لكني لا أستطيع لوم من انتقدوا عباراته المتعصبة طالما أنه خيب ظن المعتدلين، وتخلى عن حكمة السنين ليظهر داعية للكراهية وبشكل لا يليق بسنه ولا خبرته.. لقد ذهلت بالفعل أثناء مداخلة الزميل عمر الكاملي مع برنامج (مساء الرياضية) حينما أكد أن ما نشر يمثل 25% مما قاله مؤسس الهلال، وأن ال 75 % الباقية لا يمكن نشرها حتى على الجدران!! الغريب أن زملاء كثر أقدّرهم وأحترمهم تطرقوا لجزئية (الذبح) وحاولوا تهوينها بتفسيرات باهتة لكنهم تجاهلوا تماما اعتراف الرجل بأنه يكره النصر.. وأيا كانت مبرراتهم أو محاولاتهم الدفاعية، فإن العبارات المحرضة على الكراهية لا يمكن الخروج منها إلا باعتذار صريح عنها، بل إنها ليست رأيا شخصيا كما يزعم البعض؛ لأنه لو أعلن رئيس الأهلي كرهه للاتحاد وصرح رئيس الاتفاق بكرهه للقادسية وجاهرَ رئيس الشباب بكرهه للنصر أو الهلال..إلخ..لقلنا لكل واحد منهم: “عيب أن يصدر هذا الكلام منك فأنت لست مشجعا عاديا لكنك شخصية معتبرة لها تأثيرها في جماهير فريقها والحديث المنتظر من مثلك هو عكس ما تقول تماما”. لقد كتب العديد من أبرز الكتاب الاجتماعيين في الصحافة السعودية عن هذه المقابلة وأدانوها بقوة، لكني استغربت رد ضيوف برنامج (مساء الرياضية)، فإذا كانوا (كما زعموا) لم يقرؤوا اللقاء، فتلك مصيبة حيث يفترض في أي متابع أن يكون مطلعا على ما يدور في الساحة الرياضية، اما إن لم يكن متابعا فهو لا يستحق أن يستضاف، ثم إن مقابلة ابن سعيد مر عليها أكثر من أسبوع وحظيت بردود فعل قوية جدا..!! أما إذا كانوا قد اطلعوا عليها وتهربوا من التعليق فالمصيبة أعظم..وأعني تحديدا الدكتور صلاح السقا وتركي الخليوي وخالد السيف رئيس نادي الرائد. إذا كان ما نشر يمثل الربع فقط، فإنه مثل جبل الجليد الذي لا يظهر إلا جزء صغير منه، وأتساءل: “كيف ننتقد مستقبلا أي شخص يروج للكراهية إذا سكتنا عن مثل هذا الكلام؟”. الخطأ يظل خطأ بغض النظر عن قائله وبعيدا عن دوافعه. وقد أعجبني تعليق الدكتور عبدالله الغذامي الناقد المعروف الذي قال: “صدمت مما جاء في الحوار لمعرفتي الجيدة بهذا الرجل فقد كان طرحه متعصبا بشكل كبير، وكم آمُل أن يتراجع عما قال”. وعندما سأله الصحفي: “هل تريده أن يعتذر للنصراويين؟”. أجاب الدكتور الغذامي: “ما يهمني هو أن يتراجع عن هذه اللغة السخيفة والطرح المتشنج لأنه خطأ كبير وكبير جدا”..! هل يتراجع الشيخ ابن سعيد؟ أم أننا موعودون بانكشاف المزيد من جبل الجليد!!