أكد الشيخ محمد عيد العباسي ل»شمس»، جواز مس المصحف ودخول المسجد للحائض والجنب، واستشهد على ذلك بحادثتين، الأولى أن أهل (الصُفة) كانوا يبيتون في المسجد النبوي، وهم شباب في أوج حيوتيهم، ومن الطبيعي أن يحتلموا فيجنبوا، ومع ذلك لم ينههم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «لو كان ذلك محرما لنهاهم الرسول الكريم». وعن دخول الحائض إلى المسجد، استشهد العباسي بحادثة الجارية التي جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلمت، وكان لها خباء في المسجد النبوي (بيت صغير). وأشار العباسي إلى أن هذه الجارية تحيض كما هو شأن النساء، ولم ينهها المصطفى صلى الله عليه وسلم عن النوم في المسجد، ولو كان يحرَّم على الحائض المكوث في المسجد لما سمح لها. وأوضح العباسي، أن هذا الفعل فيه دليل على عدم حرمة دخول الحائض المسجد، خاصة أن الرسول يدخل إليه في اليوم خمس مرات ولم ينهها، وهو الحاكم المثالي الذي يهتم بأمر رعيته أحسن اهتمام ويشاهدها أمامه كل يوم، وعائشة رضي الله عنها تعلم عن المرأة. وواصل أيضا استشهاده بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخُمرة من المسجد). فقلت: إني حائض، فقال: (إن حيضتك ليست في يدك)؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أمر عائشة بأن تدخل المسجد وتناوله الخُمرة (سجادة أو حصير للصلاة) من المسجد. فاستشكلت رضي الله عنها ذلك كما يستشكله الكثيرون في زماننا، ولعلها ظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أو نسي أنها حائض، فأخبرته بذلك، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم: (إن حيضتك ليست في يدك)، أي أن الحيض وهو دم العادة الشهرية للمرأة الذي يصان عنه المسجد لنجاسته ليس في يدها؛ لذلك فلا حرج عليها من دخول المسجد؛ لأنها لن توسخه او تنجسه. وحديث عائشة هذا من أوضح الشواهد على ذلك، واستكمل العباسي قائلا: «إذا كانت الحائض غير ممنوعة من دخول المسجد والإقامة فيه، فإن الجُنب أولى ثم أولى؛ لأن نجاسته معنوية وليست مادية، بينما في المرأة الحائض نجاسة مادية ومعنوية». ولو كان ذلك محرما لأنزل الله وحيا بذلك على نبيه؛ حتى يكونوا على بينة من الأمر. واستشهد العباسي على دخول المسجد من قبل المسلمين الجنب بإقامة المشركين في المسجد النبوي بأمر الرسول الكريم، ومن هؤلاء ثمامة بن أثال؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد». وقال: «من المعروف بداهة أن المشرك أغلظ وأبعد من جهة الطهارة من المسلم الجنب؛ لأنه ليس بعد الكفر ذنب، كما يقولون أولا، ولأن المشرك جنب على كل حال ثانيا. إذن لا بد أن يكون أجنب مرات ومرات، وليس من شأن المشركين الاغتسال من الجنابة؛ إذ هي عبادة إسلامية ولو فرض أنهم اغتسلوا فإن اغتسالهم ليس باغتسال؛ لأنه خال من النية، فلا يغنيهم شيئا ولا يزيل عنهم الجنابة أبدا». وأضاف: «إذا كان من الجائز شرعا أن يدخل الكافر المشرك الذي جمع الشرك والجنابة جميعا إلى المسجد النبوي ويقيم فيه، وهو أطهر المساجد وأشرفها بعد المسجد الحرام، فإن دخول المسلم الجنب إلى المساجد العادية، وإقامته فيها وهو طاهر على كل حال».