النفط مصدر للطاقة ناضب، ولكن لا أحد يستطيع تحديد متى ستكون آخر قطرة نفط سيتم استخراجها للعالم، باعتبار أن ذلك يتحدد وفقا للاحتياطات النفطية في العالم وحجم استهلاك تلك الاحتياطات. فحتى الاحتياطات النفطية من الصعب تحديدها بدقة؛ ففي العراق مثلا الاحتياطي النفطي المثبت 115 مليار برميل إلا أن برهم صالح نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي خرج قبل فترة ليعلن أن الاحتياطي النفطي العراقي يبلغ 350 مليار برميل كأعلى احتياطي عالمي رغم أن المتداول في أروقة النفط العالمي، أن السعودية تمتلك أعلى احتياطي نفطي مثبت 257 مليار برميل، ولا أحد من المختصين النفطيين أثبت، أو أكد عدم صحة ما قاله برهم صالح. وفي النرويج، كانت الدراسات النفطية تشير إلى أن عام 1994 سيكون الأخير في استخراج النفط لديها إلا أنها لا تزال مستمرة حتى الآن في إنتاجه. والنظرية الأحدث في عالم النفط تشير إلى أن عام 2010 سيشهد أعلى نقطة إنتاج في الرسم البياني للإنتاج، ومن ثم يبدأ تراجع الإنتاج بما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، وهي النظرية التي استمد منها ديك تشيني طرحه في مؤتمر النفط والغاز في لندن عام 1999 عندما كان رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة هليبرتون للخدمات النفطية؛ ما جعل البعض يجزم بأن ذلك كان السبب الرئيسي الذي دفع الولاياتالمتحدة إلى غزو العراق. كل تلك الدراسات والآراء قابلة للتحقق والعكس صحيح، إلا أنه في النهاية لا أحد يعرف على وجه الدقة متى ستكون آخر قطرة نفط.. أما سعر النفط فلم يعد يتحدد فقط بالعرض والطلب إنما هناك عوامل متغيرة مثل المضاربين النفطيين، والاستقرار السياسي والأمني للدول المصدرة، والتوقعات المستقبلية للدورات الاقتصادية المتعاقبة وعوامل نفسية.. وظلت منظمة الأوبك تسعى إلى خلق توازن في السوق النفطية للوصول إلى سعر عادل يرضي المنتجين والمستهلكين، إلا أن الإعلام الغربي ومجموعة السبع الصناعية (الولاياتالمتحدة وكندا واليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا) كانوا دائما يلقون باللوم في ارتفاع الأسعار على دول منظمة الأوبك، بل إن أعضاء من الكونجرس طالبوا برفع قضية على دول الأوبك بدعوى الاحتكار ورفع الأسعار.. الكل يدرك أنه لم يعد بإمكان منظمة الأوبك تحديد السعر ولم تتوقع المنظمة أن يصل سعر البرميل إلى 147 دولارا؛ ومن ثم الهبوط بسرعة إلى ما دون 30 دولارا في فترة وجيزة. إذا كان النفط يشكل مصدرا رئيسيا للدخل لدول منظمة الأوبك، فالمذهل أن الدول السبع الصناعية تجني من النفط كضرائب ورسوم أعلى من مداخيل دول الأوبك؛ فأحدث تقرير نفطي يشير إلى أن دول المنظمة جنت بين عامي 2003 و2007 نتيجة تصديرها للنفط (2.5) تريليون دولار، بينما حققت مجموعة السبع الصناعية لذات الفترة (2.7) تريليون دولار من الضرائب والرسوم على النفط للمستهلك النهائي. فبريطانيا مثلا عندما وصل سعر البرميل 40 دولارا كانت تبيع ذات البرميل للمستهلك النهائي البريطاني ب125 دولارا أمريكيا، وتصل الضرائب على النفط خارج مجموعة السبع الصناعية في دول مثل السويد والدانمارك إلى 75 في المئة. النفط سلعة استراتيجية تقتسم غنائمه الدول المصدرة والدول الصناعية الكبرى الجابية للضرائب، وبالتالي فإن التعاون الاستراتيجي بين القطبين الرئيسيين لمعادلة النفط يجب أن يستند إلى أن سعرا عادلا للنفط سيسمح بزيادة الاستكشافات النفطية، وبناء المصافي، وإعادة تأهيل آبار النفط وصيانتها؛ مما يؤدي في النهاية إلى استمرار تدفق الأموال على الطرفين وليس على طرف وحده، ويزود الاقتصاد العالمي بأرخص مصدر للطاقة مقارنة بالبدائل الأخرى. فلم يعد مقنعا أن تحمِّل مجموعة السبع الصناعية دول منظمة الأوبك ارتفاع الأسعار مجددا لسببين: أن منظمة الأوبك لا تملك القدرة على تحديد أسعار النفط، وثانيا أن مجموعة السبع تجني من استيراد النفط أكثر مما تجنيه دول منظمة الأوبك من تصديره.