ككل الثقلاء.. يصادفني كل صباح وظهيرة ومساء، احترت مع هذا الكائن؛ فلست أدري أي أوقات يومه يستكين للنوم، وجهه موشوم بكل ما هو غير جميل، نظراته التي يرمقني بها تنبض بترددات من نوع "أعطني.. أعطني"، إنه حارس العمارة التي أسكن بها أيها السادة، لست أعلم إن كنتم تعانون ما أعانيه، وإن كنت أثق بأنه استثنائي في زمانه، فلم يحصل أن اشتكى لي أحد من حارس عمارته، مثلما لم يحصل مرة أن جلب لي هذا الإنسان بشرى خير، أصبّر نفسي أحيانا بأن المؤمن مبتلى، وأن ابتلائي الذي قدر لي هو وجود هذا الثقيل المتكفل بكل أنواع التنغيص والاستنزاف التي تكسر ظهري بدءا من تذكيري في "الطالعة والنازلة" بسداد فاتورة الماء مرورا بالكهرباء وليس انتهاء براتبه الذي يقبضه مني جزاء غسل سيارتي وحمل أنابيب الغاز إلى منزلي وإزالة القمامة من عند بابي، لا يقبل بتاتا أن يعمل شيئا لوجه الله، لأفاجأ عند آخر كل شهر بقائمة طويلة من المستحقات التي يجب أن "أكعّ عليها مبلغا وقدره" حتى يكفيني هذا الثقيل عناء ترصُّده لي.