كان محمد أبو حيدر الجناح المهاجم شعلة من النشاط والحركة مع فريق الاتفاق الأول لكرة القدم في عصره الذهبي في الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي وعرف عنه انطلاقاته القوية بسرعة الصاروخ باتجاه المرمى وهز الشباك. وشارك في العديد من الإنجازات الكبيرة التي حققها فارس الدهناء. وبعد أن خدم ناديه سنوات طويلة من عمره وهتفت الجماهير باسمه كثيرا والتقطته أحضان أعضاء الشرف بعد نهاية كل مباراة شارك فيها، تعرض فجأة إلى الإصابة بانزلاق غضروفي، وتعرض للشلل لمدة تزيد على العام.إصابة مفجعة كانت كافية بطرده من قاموس الاتفاق وحذفه في سلة المهملات، حيث “ضاع الوفاء في زمن الوفاء” على حد تعبيره في حديثه الذي خص به “شمس” وجاء ممزوجا بالكثير من الآهات والآلام والحسرة، وكان بعضه صالحا للنشر والبعض الآخر يفضل عدم نشره حسب التفاصيل الآتية. الكثير من جماهير الزمن الحالي لا تعرف من هو أبو حيدر؟ أنا إنسان بسيط جدا تعرضت إلى الجحد والنكران ممن أحببته، ونهش الفقر جسدي وببساطة أنا محمد بن مبارك أبو حيدر الدوسري. أبو حيدر، لماذا كل هذا الحزن والهم؟ ضحكت للدنيا كثيرا في عز شبابي حتى ضحكت علي في الآخر. وما الفائدة من الحياة بعد جحد الأحباب؟ حياتي صعبة وأصبحت عاجزا عن توفير قوت يومي. ومثل ما ترى لم أستطع أن أقدم لك حتى كوب الشاي. من هم أحبابك؟ ولماذا يتجاهلونك؟ إنهم منسوبو نادي الاتفاق ومسؤولوه الذين كانوا في يوم من الأيام يصفقون لي ويهتفون باسمي. ولكن للأسف بعدما تعرضت لانزلاق غضروفي تسبب لي بالشلل لمدة سنة ونصف السنة، قاطعني الأحباب ولم يزوروني طوال تلك المدة سوى مرة واحدة فقط وفي المستشفى. وأنا أحمد الله سبحانه وتعالى أنه أعاد لي نعمة الحركة. ولكنهم تجاهلونني لأنني أصبحت عديم الفائدة ولا (أسوى بيزة) في نظرهم. وإذا افترضنا أنني ما زلت قادرا على اللعب وتعرضت للإصابة، هل سيقومون بمقاطعتي؟ بالطبع لا وألف لا. كثيرا ما يردد الغالبية العظمى من اللاعبين القدامى بأن ظروفهم صعبة وأن النادي تجاهلهم. إذاً أين ذهبت أموالكم التي حصلتم عليها من النادي؟ أي أموال تتحدث عنها يا ولدي؟ لقد خدمت النادي منذ أن كان عمري 14 عاما ولم أحصل على أي شيء سوى الجفاء والنكران. وكلمة الحق تقال إذ وقف معي فيصل عبدالهادي وحده وكان له الفضل بعد الله بدخولي المستشفى. وأذكر أنه في أيام عز مستواي نصحني عضو شرف اتفاقي فعال وشخصية كبيرة بأن أطلب من النادي أن يؤمن مستقبلي ولكني للأسف رفضت بحجة أن مساومة النادي تعتبر نوعا من العقوق. والعضو أحتفظ باسمه وأقول له يا ليتني سمعت كلامك. ما الفرق بين لاعبي الجيل الماضي والحالي؟ في الماضي كنا نلعب بإخلاص ونحب الشعار الذي نحمله. وعند الخسارة كان يصيبنا حزن كبير يفوق حزن أي شخص على فقدان غال. وكنا لا نساوم النادي مهما كانت الأحوال. أما الجيل الحالي فإنه لا يبالي إذ يخسر الفريق وتجده بعد ساعات في أحد مقاهي الشيشة أو ملاهي الطرب. معروف عن هلال الطويرقي عضو شرف الاتفاق حبه للاعبين القدامى ووقفته معهم. لماذا لم تتوجه إليه في مكتبه؟ أبو خالد أخ عزيز وأقدره. وقد ذهبت إلى مكتبه ثلاث مرات. ولكن للأسف أتفاجأ برد السكرتير المتكرر بأنه غير موجود مع العلم بأنني أعطيته رقم جوالي. ولكن لم يردني أي شيء إلى الحين. هل هذا يعني أن الطويرقي رفض استقبالك؟ بصراحة لا أستطيع تأكيد ذلك لأنه ربما نسي السكرتير أن يبلغه بالموضوع. وأنا سمعت بأن أبا خالد زعلان مني وأتمنى أن أعرف سبب زعله. أبو حيدر، هل ما زلت تحب الاتفاق؟ وسأظل أحبه إلى آخر العمر (توقف قليلا وأخذت الدموع تشاطره الحديث). وأذكر أنه في أحد الأيام وأثناء عودتي من النادي مصابا، أتت والدتي يرحمها الله وطلبت مني أن أقاطع الكرة وأنتبه إلى مستقبلي. ولكني رفضت وما أقول إلا رحمك الله برحمته الواسعة أيتها الغالية. لماذا لا تزور النادي وتواجه الإدارة؟ نفسي عزيزة، ولم أعد قادرا على تحمل الإهانات. زرت النادي في أحد الأيام وطردني أحد رجال الأمن (السيكيورتي) بحجة أن البطاقة التعريفية الخاصة بالنادي قديمة، وأوضح أن هذه تعليمات الإدارة. وعليك أن تتخيل لاعبا يخدم النادي 20 عاما ثم يطرد من قبل أمن البوابة وأنا لا ألومه، بل ألوم الإدارة. من تقصد بالإدارة؟ في البداية غالبية أعضاء الإدارة ورغم الجفاء إلا أن علاقتي معهم في السابق علاقة احترام متبادل مثل عبدالعزيز الدوسري وخليل الزياني وزكي الصالح والنمشان وربما لا أعود للنادي حفظا لكرامتي. ما أمنيتك يا (أبو حيدر)؟ لم يتبق من العمر الشيء الكثير. ورغم ذلك أتمنى أن أحصل على بيت يسترني أنا وعيالي وهم ولدان وبنتان، وأقول لمن منَّ الله عليه بنعمة المال وأصبح من ماركة ال(VIP) وتناسى (أبو حيدر) بأنك كنت يوما من الأيام تسكن في نفس الحي الشعبي الذي أسكن فيه الآن، وتعلم مدى المعاناة. وأتمنى من الطويرقي والدوسري والزياني ورجالات الاتفاق أن يتناسوا المكانة الاجتماعية ولو لعدة دقائق ويزوروني في منزلي وينظروا إلى حالتي التي أصبحت لا تسر العدو؛ فما بالك بالصديق. منزل مستأجر ب13 ألف ريال ومثل ما ترى يخر الماء من كل حدب وصوب والراتب لا يتجاوز 2.500 ريال كوني أعمل رجل حماية، وأردد يا طويرقي اجعلها لوجه الله وكفارة ذنوب. كلمة أخيرة لمن توجهها؟ إنها إلى الأمير سلطان بن فهد صاحب الأيادي البيضاء على الجميع وأقول له إنني ابنكم الذي خدم الوطن من خلال منتخبات الأشبال والشباب ويتمنى من الله ثم منكم المساعدة وكذلك للأمير نواف بن فيصل وأقول له وقفات والدنا فيصل بن فهد يثني عليها الجميع القاصي قبل الداني وأتمنى أن تنظروا في حالتي.