اطلعت على التحقيق المميز الذي نشر في جريدتنا الغراء "شمس" في العدد (1211) الصادر الأربعاء 6 / 5 / 2009، بعنوان "(أيادي خفية) تعطل الزواج". وتعد ظاهرة المغالاة في المهور مشكلة عويصة، وظاهرة فظيعة، وزاد الأمر سوءا أن البعض جعلها محلا للمفاخرة حتى بلغت إلى الحال التي هي عليها الآن. وأصبح بعض الناس يزيد في تطويرها ويدخل في المهر أشياء جديدة تزيد الأمر كلفة وصعوبة، حتى أصبح المهر في الوقت الحاضر مما يتعسر أو يتعذر على كثير من الناس، فتجد الكثير يتعب تعبا كبيرا في أول حياته وعنفوان شبابه ولا يكاد يدرك ما يحصل من المرأة التي تحصنه كل هذا بسبب هذا التصاعد الذي لا داعي له في المهور. إن غلاء المهور مشكلة تواجه جميع الشباب، ويقول واحد ممن أعرفهم حول هذا الموضوع: "مشكلتي كمشكلة غيري من الشباب وهي الزواج وغلاء المهور؛ فأنا موظف منذ ثماني سنوات أجمع مهر الزواج، وعندما أطلب الزواج من إحدى بنات قبيلتي يطلب والدها مهرا له، ومهرا لأمها، ومهرا لها، وكلها تذهب إلى حساب الأب، وهي باهظة الثمن ديتها أربعة أضعاف، وهذا المهر يكون سرا وبكفالة كفيل غارم يكون معروفا، ولا أستطيع الحصول على زوجتي إلا بعد دفع هذا المبلغ، أما المهر المتفق عليه أمام المأذون فهو 40 ألف ريال والباقي يظل سرا، ولو امتنع الشباب عن الدفع منعت منه الزوجة". وظاهرة غلاء المهور لم تأت من فراغ، ولها أسباب كثيرة، أهمها رغبة الزوج في الظهور بمظهر الغني القادر، وحرصه على إقناع أولياء الزوجة، وطمع بعض الأولياء، وعدم إدراكهم قيمة الزواج وأهدافه الرئيسة، وتغير النظرة إلى الزوج الكفء، واختلاف الناس في فهم ذلك، بحيث تصبح عملية الزواج عملية بيع وشراء، الرابح فيها من يكسب المال الكثير، وكذلك التقليد الذي استولى على مشاعر الناس، وسلبهم التفكير وعطل عقولهم، وكذلك إسناد الحكم في هذه الأمور إلى النساء، وسماع آرائهن وتنفيذ طلباتهن، وميل أكثرهن إلى التفاخر والتباهي. ولا شك أن هذه الظاهرة لها آثار ونتائج وخيمة أهمها تعطيل الزواج وزيادة نسبة العنوسة، وإيقاف سنة الله في الحياة، وانتشار الفساد الأخلاقي بين الجنسين، وكثرة المشكلات الاجتماعية بسبب عدم جريان الأمور بطبيعتها، ووضع الشيء في غير موضعه، وحدوث الأمراض النفسية في صدور الشباب من الجنسين بسبب الكبت وارتطام أفكارهم بخيبة الأمل.