قفز سعر الطوب الأحمر في جدة إلى أكثر من 65 في المئة، متخطيا حاجز الألفَي ريال، ليتراوح السعر بين 2300 و 2400 ريال، بعدما كان حده الأعلى الذي لا يمكن أن يتخطاه هو 1300 ريال. ودون مقدمات وجد أصحاب العمارات أنفسهم مضطرين للتراجع عن استكمال البناء، في وقت أصبح السؤال الدائم يدور حول مبررات الارتفاع الجنوني. وفيما عزا عدد من الباعة السبب إلى (الاحتكار) في ظل ندرة المصانع العاملة في هذا المجال، بدت السوق أشبه ما تكون خالية من الطوب. لم يتردد خالد الصحفي بائع في توجيه أصابع الاتهام إلى المصانع بتسببها في أزمة ارتفاع أسعار الطوب حاليا، ويرى أن سبب الزيادة المفاجئة حجز المصانع للإنتاج، فأصبح المعروض قليلا في السوق، ليزداد الطلب عليه، ومن ثم يتم رفع الأسعار مع التحكم في ضخ الكميات بصورة تضمن استمرار الارتفاع”. وفيما كانت الاتهامات تنهال على موزعي الطوب في المحال المنتشرة في شارع الأمير سلطان في ظل زيادة الأسعار، أوضح بعض منهم أن الكثير من الزبائن تراجعوا عن الشراء فور إخطارهم بالأسعار الجديدة، بل إن بعضهم لا يغادرون إلا وقد أمطرونا بالسباب واللعن، ظنا أننا وراء تلك الزيادة. ويشير محمد الودعاني “أحد موزعي الطوب الى أن احتكار صناعة الطوب الأحمر في مصنعين فقط، يعد خطأ فادحا؛ لأنه يعطيهما صلاحية التحكم في الأسعار”، مبينا أن المصانع الصغيرة مضطرة لرفع أسعارها أيضا، لكن إنتاجها غير مؤثر في الأسواق. واعتبر عدد من المقاولين بعد توقف كبير في أعمال البناء أن استمرار الأزمة دون تدخل أو حسم من الجهات المختصة يهدد أعمالهم بالتوقف، ويعرضهم لخسائر كبيرة، خاصة أن عقودهم مع أصحاب العمارات محددة بزمن معين وبقيمة معينة. وتساءل محمد العباسي (مقاول): لماذا تقف الوزارة مكتوفة الأيدي تجاه ما يحدث، ولا تكثف مراقبة السوق لكشف حالات الغش التي تمارس من المنتجين والموزعين؟ وأمام عمارة تحت الإنشاء وضع محمد الأحمدي يدا على الأخرى، وهو يرى نفسه عاجزا عن استكمال عمارته السكنية المكونة من سبعة طوابق. ويقول: “الزيادة المفاجئة منعتني من مواصلة البناء، وتشطيب الأعمال”، متهما المتسببين في رفع الأسعار بالجشع، خاصة أن مدخلات الإنتاج لم نسمع عنها أي ارتفاع، كما لم نسمع ارتفاعا في الطلب في ظل عدم دخول مشاريع كبرى جديدة حيز العمل؛ ما يبرهن وجود استغلال للضغط على المواطن. ويؤكد فهد اليامي مالك عمارة تحت الإنشاء أن الأسعار الجديدة لا طاقة لأحد بها، فكيف يتحملون بين عشية وضحاها ارتفاع الأسعار المبالغ فيها، مشيرا إلى أن سوق مواد البناء تبدو أنها بلا رقابة إذ إننا لم نتجاوز بعد صفعة ارتفاع مواد البناء الأخرى، ومن بينها الحديد، لنجد أنفسنا أمام زيادة في الطوب الذي يعد (ثالوث) المواد الأساسية للبناء. من جانبه برر احمد السيد مدير مصنع للطوب الأحمر السبب في ارتفاع الأسعار بزيادة الطلب في السوق، ومحدودية إنتاج المصانع؛ ما جعلها تعجز عن الإيفاء بالطلب المتضاعف، خاصة في ظل استمرار طفرة البنيان في جدة. ويقول: “اضطرت المصانع لتحمل المزيد من مصاريف العمالة الإضافية لتوسيع خطوط الإنتاج على أمل تلبية الطلب؛ ما سيسهم في تخفيض الأسعار في المرحلة القادمة. لكن عبدالله الأحمري رئيس لجنة تثمين العقارات ونائب رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية بجدة يرى أن المواطن يجب ألا يتحمل بأي حال من الأحوال قلة الإنتاج، أو رغبة المصانع في التوسع؛ لأن الشيء الوحيد الذي يبرر زيادة الأسعار يكمن في زيادة مدخلات الإنتاج، وليس التوسع في الإنتاج. وأضاف: “لا أرى أي سبب لزيادة الأسعار، إذ إن عملية إنتاج وتوزيع الطوب عملية متسلسلة، لكن للأسف يتم العبث في كل أجزائها بداية من التصنيع والتوزيع والبيع”. واتهم الأحمدي المصانع بالتلاعب وعدم الشفافية: “مرة يجعلون من الكساد العالمي مبررا للزيادة، والآن يبررون الأمر بزيادة الطلب، على الرغم من أن المشاريع الكبرى متوقفة، والمشروع الضخم الوحيد هو جامعة الملك عبدالله”.