صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار. وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار بقوله نعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ). وانظر كيف حض النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار وإكرامه: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره”، بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه”. والجار هو مَن جاورك، سواء كان مسلما أو كافرا.. والجيران يتفاوتون من حيث مراتبهم؛ فهناك الجار المسلم ذو الرحم، وهناك الجار المسلم، والجار الكافر ذو الرحم، والجار الكافر الذي ليس برحم، وهؤلاء جميعا يشتركون في كثير من الحقوق، ويختص بعضهم بمزيد منها بحسب حاله ورتبته. ولا شك أن الجار له حقوق كثيرة أهمها رد السلام وإجابة الدعوة، وكف الأذى عنه، وهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حراما بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجها إلى الجار، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أشد التحذير، وكذلك تحمل أذاه، وتفقده وقضاء حوائجه، إضافة إلى ستره وصيانة عرضه. وهذه هي الأخلاق الإسلامية التي ربى عليها الإسلام أبناءه، فكانوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، يحمل غنيهم فقيرهم، ويعين قويهم ضعيفهم، لا شحناء ولا أحقاد، ربط الود بين مشاعرهم، وجمع الإيمان أفئدتهم، وما أجمل أن يأخذ المسلمون أنفسهم بهذا المبدأ الكريم. وللأسف الشديد لاحظت في معظم المجتمعات العربية وخصوصا في المدن عدم التداخل بين الجيران، والكثير من الظواهر التي نهانا عنها ديننا الإسلامي الحنيف، واطلعت في هذا الإطار على التحقيق المميز الذي نشرته جريدتنا الغراء “شمس” في عددها رقم (1195) الصادر الاثنين 20 / 4 / 2009 بعنوان (من جارك.. الله أجارك).