أوصت دراسة علمية حديثة بإنشاء مركز وطني لرعاية المسنين بالسعودية تشرف عليه وزارة الشؤون الاجتماعية، فضلا عن توفير الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال رعاية المسنين؛ نظرا للحاجة إليهم حاليا ومستقبلا. وأجريت الدراسة التي دعمتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على عينة عشوائية من المسنين من الجنسين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وشملت العينة المسنين المقيمين مع ذويهم، إضافة إلى المقيمين في دور الرعاية الاجتماعية، وأبناء المسنين، وشملت كذلك الإخصائيين والعاملين في دور الرعاية، والمختصين في الشريعة والتربية وعلم النفس وعلم الاجتماع. وكشفت الدراسة عن المشكلات التي يعانيها كبار السن سواء المقيمون مع أسرهم، أو في دور الرعاية، وكان أبرز ما يعانيه المسنون المقيمون مع أسرهم انخفاض مستوى الخدمات الصحية، وتأخر الضمان الاجتماعي، وكذلك عدم وجود خدمات أو امتيازات خاصة بهم، حيث يرى 65.5 في المئة من المسنين، و47.9 في المئة من ذويهم عدم وجود أي خدمات توفرها الدولة لهم. كما يعد الانزعاج من انحراف الشباب من بين المشاكل التي تعانيها هذه الفئة، إضافة إلى افتقاد الأصدقاء القدامى، وعدم وجود سائق خاص بهم، وكذلك التفكير الدائم في الآخرة، ومن المشاكل التي يعانيها المسنون الذكور فقط عدم القدرة على الذهاب إلى المسجد. وتتمثل مشاكل المسنين الذكور المقيمين في دور الرعاية في عدم وجود مصروف مادي كما كان في السابق، والشعور بفقدان دوره في الحياة، وكذلك عدم وجود من يتحدث له عن مشكلاته ويبوح له بما في نفسه، إضافة إلى الشعور بالتقصير في أداء الواجبات الدينية، وكذلك الشعور بعدم تقدير واحترام الآخرين له. في حين تعاني المسنات المقيمات في دور الرعاية عدم القدرة على الاستحمام وارتداء الملابس بمفردهن، وكذلك عجزهن عن الانتقال والتحرك داخل الغرف بسهولة، إضافة إلى ضعف البصر والأمراض التي تصيب العين، وعدم القدرة على خدمة أنفسهن. ومن المشكلات التي يعانيها المسنون في الدور تدني مستوى الخدمات الطبية والترفيهية المقدمة لهم، حيث يرى 24.5 في المئة منهم عدم وجود أي خدمات تقدم لهم فيها، وكذلك حاجة العاملين في الدور إلى الالتحاق بالبرامج والدورات التدريبية لتطوير مستواهم العلمي والعملي. ودعت الدراسة إلى إنشاء معهد يُعنى بالبحوث العلمية المتخصصة التي تتناول كبار السن، وتبادل المعلومات وتنسيق الجهود بين الدول العربية والإسلامية والأجنبية والاستفادة من تجارب الدول، كما شجعت الجمعيات الخيرية على إضافة خدمات كبار السن إلى خدماتها الحالية. وأكدت على ضرورة الاستفادة من خبرات كبار السن، وتمكينهم من المشاركة في المجالات الاجتماعية والثقافية والترفيهية، وكذلك تشجيعهم على العمل التطوعي، وتحفيز المسنات على الصناعات المنزلية اليدوية التي تلقى رواجا كبيرا. وأشارت إلى أهمية وضع خطة وطنية على مستوى السعودية؛ لغرس وتدعيم الاتجاهات الإيجابية نحو كبار السن، مع بيان الطرق الصحيحة في معاملتهم، وإنشاء نوادٍ ومتنزهات ومراكز خاصة بالمسنين في كافة أرجاء السعودية، وكذلك إعطاء كبار السن الأولوية في الحصول على الخدمات الطبية، وخصوصا الذين يعولون أسرهم، وتوفير الرعاية الطبية المنزلية للمسنين غير القادرين على الذهاب إلى المستشفى. وتؤكد الدراسة على ضرورة إحياء دور الوقف الإسلامي الذي يحقق الرعاية الكاملة لهم في المجال الاقتصادي، وكذلك الاستعانة بعلماء الدين لنشر حقوق المسنين، والحث على رعايتهم، وتوضيح الأجر العظيم المترتب على الاهتمام بهم والقيام بشؤونهم. وتأتي هذه الدراسة نظرا لتزايد نسبة كبار السن في السعودية، وحسب توقعات إحصائيات منظمة الأممالمتحدة فإن الزيادة السنوية للمسنين بالسعودية ستبلغ ما بين عامي 1995و2025 نحو 3.8 في المئة، وهذا يعني هبوط عدد الأفراد المنتجين من الشباب، وهبوط نسبة الأطفال، وكذلك احتياج المجتمع لمتطلبات كبيرة كالخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية والنفسية.