أسطورة (الزئبق الأحمر) تعود إلى الواجهة من جديد. أسطورة لطالما حيّرت الباحثين عن حقيقتها، وما بين الذهب والمقابر الفرعونية والكائنات البحرية، وصولا إلى مكائن الخياطة، يجِدّ الباحثون عنه رغبة في امتلاكه. وليس مبالغة حينما نطلق عليه صفة “الأسطورة”؛ فالحيرة تتملك الباحث عن حقيقته؛ إذ إن الأقوال والروايات التي تحدثت عنه تبقى متضاربة ومختلفة. فمن قائل يتحدث عن أنه “إكسير الحياة” الذي يتردد اسمه في الكتب القديمة، وينتج من تفاعلات كيميائية لم يصل العقل الحديث إلى معادلاتها الصحيحة، إلى قول يبسط الأمر، ويعتبره أحد العناصر الطبيعية التي يحتويها سطح الأرض، إنهم أقنعوا من يبيع بتمرير الجوال على الماكينة فيضعف الإرسال، ونسوا مغناطيسية ومعدن الماكينة.. غموض الأسطورة وبحسب فرانك برنابي عالم الذرة البريطاني فإن استخداماته الحربية للأغراض النووية هي التي ضاعفت من قيمته سوقيا، حيث وصلت إلى قرابة المليون ريال لكل كيلو جرام. ويضيف فرانك أن “من أهم استخداماته الدقيقة في المجال الحربي استخدامه لإنتاج الصمامات الكهربائية للقنابل النووية، وإنتاج رؤوس حربية صغيرة الحجم للصواريخ الموجهة”. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سبق أن أصدرت تقريرا قالت فيه: “إن الزئبق الأحمر خدعة، ولا يوجد دليل على وجوده”. (سنجر) في (حجاب) وفي العاصمة الرياض شهد سوق حجاب بحي النسيم أمس احتشاد آلاف المواطنين حول ماكينات خياطة قديمة ماركة (سنجر) الألمانية، في موقف أثار تعجب واستغراب أصحاب المحال التجارية، وأدى إلى تعطيل حركة المرور. وقال نسوة كن من بين الحاضرين: “حضرنا إلى السوق بعد أن تلقينا خبرا عبر اتصال من أحد الأقارب، طلب منا جلب ماكينة الخياطة التي في المنزل إلى السوق”. وأضافت إحداهن: “لقد سيمت الماكينة لي بمبلغ (25) ألف ريال، لكنني رفضت بيعها، بهذه القيمة”. وأكدت أخرى أن ماكينتها من تلك النوعية ذات (الزئبق الأحمر). وأشارت إلى جهاز الجوال، وبعد أن وضعته عليها، أوضحت كيف أن الأبراج تختفي، وهذا ما يميزها عن غيرها، ويدلل على وجود الزئبق الأحمر بها. وذكرت أن الماكينة اسمها (أبو أسد)، وعمرها 25 سنة. وكالة (يقولون) للأنباء وأوضح أحد الحاضرين للسوق، ويدعى أبو ديمة: “حضرت لكي أشاهد بعيني ما يحدث، وفعلا تأكدت أن المتجمهرين كانوا جميعا ضحية (وكالة يقولون)”. وأضاف أن “الفضول لدى كثير من الناس تسبب في ضياع كثير من أوقاتهم ومصالحهم في الركض خلف سراب الزئبق الأحمر”. وذكر أنه “حضر منذ الصباح الباكر، ولم تسجل أية حالة شراء أو سوم علني أمام الناس، فجميع أصحاب المكائن يقولون لك: قد سيمت بكذا وكذا. ولم أشاهد أي شخص قام بالسوم”. أم صالح والزئبق الأحمر وفي طريقنا للبحث عن مزيد من المعلومات وكشف أسرار تلك الماكينة، رأينا امرأة كبيرة في السن بجانب مكائن خياطة متهالكة، فسألنا عن سبب وجود تلك المكائن الكثيرة، فقالت أم صالح: “سمعت من أقاربي بعد اتصال جاءهم في الصباح، أن مكائن سنجر تباع بأسعار غالية لاحتوائها على الزئبق الأحمر، فخرجت مسرعة إلى السوق، وبسطت فرشتي، ووضعت المكائن التي يقدر عمرها بأكثر من 35 عاما أمامي”. وأضافت: “كنت قد اشتريت تلك المكائن ب250 ريالا”. وقد أصابت أم صالح الدهشة عندما مررنا جهاز الجوال على ماكيناتها، ولم تذهب علامة الأبراج منه. وقالت: “جوال الفيصلية فقط هو الذي تذهب الأبراج منه”. وأضافت: “قد سيمت الماكينة بعشرة آلاف ريال، وترددت كثيرا في بيعها، حتى يأتي من يشتريها بسعر أعلى”. كذبة ب750 ألف ريال من ناحيته، أكد محمد الفرحان أن “ماكينة خياطة بيعت في حراج ابن قاسم ب35 ألف ريال”. وأضاف أنها “قديمة جدا ولا تعمل”. وذكر أن “السر في ذلك هو أنك عندما تضع الجوال عليها وتحرك (المكره) تذهب علامة الأبراج مباشرة”. وعن سبب تواجده في هذا الزحام قال: “جئت من جنوبالرياض إلى سوق حجاب حتى أصدق الكذبة”!. وأوضح يوسف العتيبي أن كثيرا من الناس حضروا إلى طفل كان يعرض مكائن خياطة أمامه، وقال إن ذلك التجمع إنما هو كذبة صدقها الناس. وأضاف: “أنا هنا منذ الصباح ولم أر أي عملية بيع أو شراء، أو حتى سوم”. وبينما نحن نتحدث مع العتيبي، جاء شخص تردد كثيرا على تلك المكائن المعروضة، وتحدث مع صاحب المكائن وسام إحداها له ب(705) ريالات، وبعد محاولات وافق الرجل على بيعها له، وكانت تلك أول حاله بيع تسجل في السوق منذ الصباح. وعندما سألنا المشتري عن السبب في شراء تلك الماكينة، قال: “هي فرصة واحدة في العمر، وقد سمعت من كثيرين أن مندوبا من شركة أرامكو يبحث عن تلك المكائن حتى يستخرج منها الزئبق، الذي يقدر بمبالغ خيالية”. لم نصدق ما يحدث؛ فبعد أن بيعت تلك الماكينة الوحيدة في السوق، وتفرق البائع والمشتري، سمعنا عن شائعة جديدة في وسط السوق، فحواها أن تلك المكائن التي بيعت (705) ريالات أمامنا، قد بيعت ب(750) ألف ريال، فبحثنا عن الشخص الذي تسبب في كذبة، أضافت آلافا على أصل المبلغ فلم نجد ذلك الشخص. حراج (سنجر) وعلى الصعيد نفسه شهدت منطقة المدينةالمنورة أمس حدثا أغرب من الخيال؛ فقد تجمهر أكثر من 700 شخص بين مواطن ومقيم؛ للمشاركة في حراج على مكائن الخياطة (سنجر) بموقع الحراج العام الواقع على طريق الخليل. وحدث التجمهر بعد تداول شائعات عن وجود مادة الزئبق الأحمر بداخل تلك النوعية من الماكينات، الذي يستخدم في إنتاج الطاقة النووية. ومن ناحية أخرى أعرب عدد من المواطنين عن اندهاشهم، عندما جاء أشخاص كثيرون يطرقون أبواب منازلهم؛ ليسألوهم: “هل لديكم مكائن خياطة ألمانية؟”. وزاد من استغرابهم ودهشتهم وصول سعر ماكينة الخياطة المستعملة ماركة (سنجر) إلى أسعار خيالية فاقت ال(90) ألف ريال، بعد أن أقيمت سوق سوداء لبيع تلك المكائن في عدد من المحافظات. ولا تزال مجموعات من الأشخاص تقوم بعمليات البحث في جميع أنحاء المنطقة وخارجها عن تلك الماكينات عبر الهاتف الجوال. وقد بقيت هناك فئة من المجتمع ما بين مصدق ومكذب لتلك الشائعة التي جعلت جميع الفئات العمرية، من رجال ونساء وشباب، بل وحتى أطفال، في حالة استنفار من أجل الوصول إلى الثراء السريع. السر في الإبرة! وكانت شائعة سرت بين أهالي منطقة الجوف وسكاكا، أدت إلى ارتفاع أسعار مكائن الخياطة النسائية القديمة من نوع (سنجر). وأكد أحد المواطنين أن المكائن وصلت قيمتها إلى أسعار خيالية جدا. وأضاف أن بعضها بيع ب(50) ألف ريال، رغم أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز ال(200) ريال. وعن أسباب الارتفاع المفاجئ في أسعار تلك المكائن والتهافت عليها من قبل المواطنين، أشار المواطن إلى أن هناك شائعة سرت بين أوساط العامة منذ نحو ثلاثة أيام، حول وجود الزئبق الأحمر داخل إبر المكائن القديمة. وتردد أن هناك من يشتري هذه المكائن بأسعار خيالية في حال تحققه من وجود الزئبق داخل الماكينة. وأكد أن سماسرة شراء وبيع المكائن مرتبطون بسماسرة عرب على الحدود السعودية - الأردنية، أكدوا أنهم يبحثون جاهدين عن هذه المكائن القديمة، وبأي سعر كان. وعن طريقة التحقق من وجود الزئبق داخل المكائن، أوضح المواطن أنه يتم عن طريق تمرير الهاتف الجوال من أمام إبرة الماكينة، وفي حال اختفاء أبراج الشبكة، يتم التحقق من وجود الزئبق، وتباع الماكينة بأي سعر يحدده البائع. يذكر أن (الزئبق الأحمر) يستفاد منه في صنع الأسلحة المتطورة، إضافة إلى ما يتردد عن ارتباطه ب(الجن) وحراسة الكنوز المدفونة والقديمة، حيث تتردد أساطير قديمة أنه عن طريق الزئبق الأحمر يتم تسخير الجن لاستخراج الكنوز المدفونة والحصول على الأموال.