يتخذون من الأمر في ظاهره وقتا للهو واللعب والضحك.. ويتجاهلون ما يترتب عليه من ضرر كبير، وإضاعة لجهود وفرص لإغاثة ملهوف مشرف على الهلاك، أو مساعدة محتاج يواجه المجهول.. إنهم أولئك الأشخاص غير المسؤولين عن تصرفاتهم.. الذين يزعجون السلطات، سواء كانت الشرطة أو المرور أو الهلال الأحمر أو الدفاع المدني أو حرس الحدود.. من خلال البلاغ الكاذب عن حوادث لم تقع. تبدأ الحكاية بمراهنات بين العابثين؛ فيتحرك أكثرهم عبثا وأشدهم حمقا، ويبادر برفع سماعة الهاتف، ليبلغ جهة ما من الجهات المذكورة آنفا عن واقعة ما في مكان ما؛ الأمر الذي يحتم على متلقي البلاغ توجيه الآليات والأفراد إلى الموقع المشار إليه.. لتكتشف السلطات لاحقا أن البلاغ كاذب.. وما حصدنا منه إلا الإزعاج وإهدار الوقت والجهد.. إشباعا لرغبات العابثين. “شمس” التي لمست معاناة كثير من المواطنين، الذين أوقعتهم الطوارئ إلى الحاجة لتفاعل أسرع للسلطات مع مآسيهم واحتياجاتهم، اكتشفت بعد محاولتها استقصاء الأمر مع المسؤولين، عن معاناة أخرى في جانب المسؤولين من بلاغات العابثين؛ ما يجعل أمر الطوارئ وإغاثة الملهوف مسألة فيها نظر، لدى المعنيين. شرائح اتصال مجهولة يقول المقدم بحري خالد العرقوبي الناطق الإعلامي بحرس حدود المنطقة الشرقية: “غرفة عمليات الطوارئ بحرس حدود الشرقية، تتلقى مئات البلاغات يوميا من أجل حالات غرق أو طلب مساعدة أو إرشاد أو ما إلى ذلك”. ويضيف: “لكن هنا ما معدله 100 بلاغ كاذب شهريا، بخلاف البلاغات غير الصحيحة، التي تكلفنا جهود انتقال الأفراد والآليات والزوارق، وعند الوصول إلى الموقع المشار إليه، نجد أن البلاغ غير صحيح”. ويوضح: “قد ينتج من ذلك أن هناك حالة طارئة في موقع آخر، كان يجب الانتقال إليه، لكن البلاغ الكاذب يتسبب في تأخيرنا؛ الأمر الذي قد يفاقم الخطر على الشخص المحتاج إلى المساعدة”. ويؤكد أن “المبلغ الكاذب في هذه الحالة يتحمل وزر الشخص الذي يحتاج إلى مساعدتنا فعلا”. ويشير العرقوبي إلى أن “ما يسهل للأشخاص العابثين ارتكاب جرم البلاغ الكاذب أن أحدهم يستخدم شرائح تحمل أسماء لعمالة أجنبية وافدة، بعضها غادر منذ أشهر، وهذا الذي اكتشفناه أخيرا”. ويطالب شركات الاتصالات بحثِّ عملائهم على تحديث بياناتهم، لكي تكون كل شريحة تحمل اسم شخص يتحمل مسؤولية كل ما ينطلق من هاتفه الشخصي”. مستهتر يقتل أبرياء من جانبه، يذكر المقدم منصور الدوسري الناطق الإعلامي بمديرية الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية أن: “هذا الأمر يحتاج إلى تنفيذ عقوبات، وزيادة وعي بين أفراد المجتمع”. ويوضح أنه “يجب أن يعلم الشخص المستهتر الذي يبلغ كذبا، أنه يهدر أموالا وجهودا كبيرة، سواء للأفراد أو الآليات”. ويقول: “يجب أن يسأل المستهتر نفسه: ماذا استفاد من تقديم بلاغ كاذب؟!”. ويؤكد أهمية الصدق وجدية البلاغات التي ترد إلى الجهات التي تخدم المواطن والمقيم، سواء كانت الدفاع المدني أو الهلال الأحمر أو الشرطة أو المرور أو حرس الحدود أو غيرها”. ويعلل ذلك بأن “البلاغ الصحيح والوصف الدقيق وسرعة الإبلاغ تنقذ أرواحا، وفي المقابل فإن البلاغ الكاذب قد يحدث العكس”. ويضيف أن “هذا الأمر لا يرضاه رجل مسلم عاقل يعي تماما أهمية هذه الأجهزة ويهتم بمصلحة المجتمع”. يُحاسَب ويُطارَد قانونيا وفيما يخص محاسبة أصحاب البلاغات الكاذبة، يقول العميد يوسف القحطاني الناطق الإعلامي بشرطة المنطقة الشرقية: “الاتصالات التي تتلقاها غرف عمليات الشرطة أو المرور كثيرة جدا، منها ما هو صحيح ومنها ما هو عكس ذلك”. ويوضح أن هناك من يتصل من أجل العبث فقط”. ويؤكد أن “كل ما تم ذكره يتم التعامل معه بكل جدية، وعلى وجه السرعة؛ كوننا لا نعلم يقينا أن المبلغ صادق أو كاذب”. ويضيف: “يتم تلقي البلاغ وتوجيه أقرب دورية أمنية أو مرورية إلى الموقع المشار إليه لاستطلاع الأمر، ومن ثم يتم إبلاغها عن حاجتها إلى تعزيز قوتها، أو طلب زيادة معينة أو نحو ذلك”. ويقول القحطاني: “لكن في واقع الأمر يجب أن يعي المبلغ أن بلاغه مسجَّل بالصوت والتاريخ والتوقيت، إضافة إلى رقم هاتفه، ومن يقع في قبضة رجال الأمن من هذه النوعية، فإنه تتم معاقبته ومحاسبته قانونيا”. ويذكر أن “العقوبة قد تصل إلى السجن بسبب إزعاج السلطات وإهدار جهودها ووقتها”. ويوضح القحطاني أن “هناك العديد من الخطوط بين الشرطة والمرور وشركات الاتصال في السعودية، من خلالها يتم التعاون في مثل هذه الأمور”. ويضيف: “نحن نطالب بتحديث بيانات الهواتف المتنقلة؛ للحد من الاستهتار بالبلاغات، وأخذها على محمل الجد حين يبلغ المبلغ”.