يجلس الشاب بين أقرانه مزهوا بنفسه.. مفتخرا بمغامراته العاطفية الناجح منها والفاشل.. يستعرض فنّياته في التغرير بالفتيات.. يروي قصة محاولته إلقاء رقم جواله أمام إحداهن.. يقول انها لم تتورع عن التقاطه.. تبدأ مسيرة العلاقة المنتهية مقدما.. "فما بني على باطل فهو باطل" كما يقال.. تجرفهما تيارات الوهم، حتى يقعا في فخ الخطيئة.. يجدان نفسيهما قد تورطا في علاقة قائمة على الوهم.. حينها تذكرتْ أن تقول له: "يجب أن نتزوج!".. ينظر إليها في سخرية وازدراء.. يقول لها وهو ينفث دخان سيجارته في وجهها: "نتزوج؟!.. هل جننتِ؟!.. أأتزوج ممن تسلم نفسها لعابري الطريق؟!.. أنا عندما أريد الزواج فسأترك الأمر لأمي كي تختار لي الزوجة المناسبة!". وإذا كان الشباب يخططون بتلك الطريقة للإيقاع بالفتيات، فإن للفتيات طرقهن الخاصة للإيقاع بالشباب أيضا. هذه قصة لإحدى الفتيات التي وافقت على التعرف على أحدهم مقابل الحصول على بطاقات الاتصال مسبقة الدفع مجانا، "كما توهمت".. ما دعا "محمد" الذي كان يطمح إلى منافسة أحد الأصدقاء في تكثير علاقاته العاطفية الخاطئة لأن يبتلع الطعم؛ ليكتشف بعد فترة من الزمن أنه وقع ضحية وألعوبة في يد فتاة تجيد فن الإيقاع بالشباب. "محمد" شاب في منتصف العشرينيات، وكما أوضح لنا فإنه كان خبيرا في الإيقاع بالفتيات.. يقول محمد: "المسألة واضحة كالشمس.. يشير إلى قرص الشمس وهو يميل إلى المغيب.. يحتسي قليلا من القهوة الإيطالية" ويضيف: "الجميع لديهم استعداد لإقامة العلاقات العاطفية، ومن ناحية الشباب فليس واردا أن تكون الفتاة التي تعرف عليها، زوجة المستقبل بأي حال من الأحوال"، ولا يخفي محمد امتعاضه من وجود علاقة عاطفية بين شاب وفتاة، ويصفها بأنها علاقة خافية على الجميع، "حيث يسعى كلا الطرفين لأن يعرف أحد من عائلته عن إقامته مثل تلك العلاقات". التربية هي الحل يؤكد سعيد الغامدي أن حل هذه المسألة لا يمكن أن يأتي بين ليلة وضحاها، ويعتبر أن التربية منذ الصغر هي الأساس لتكوين علاقات صحيحة بين الجنسين، وتمييز ما هو صواب مما هو خطأ. وعن رأيه في العلاقات العاطفية التي قد تنتهي بالطرفين إلى عش الزوجية، يوضح الغامدي قائلا: "لا أرى في ذلك شيئا من الصحة"، ويؤكد: "سوف تنتهي - بالتأكيد - إلى الفشل لأن معظم هذه العلاقات لم يُبنَ على اسس صحيحة كتكوين أسرة وإنشاء بيت، بل هي استجابة لداعي الشهوة في الإنسان"، ويتساءل: "مَن الذي لديه القدرة والتحمل لضبط عاطفته؟"، ويجيب: "طبعا هو من لديه وازع ديني ويخاف الله". معاكسة فحادث فتوبة عبدالرزاق (شاب من الرياض) أقلع عن خوض المغامرات العاطفية، بعد أن تعرض لحادث مروري مروِّع، أثناء مطاردته إحدى السيارات التي تقل مجموعة من الفتيات. تحدث عبدالرزاق إلى "شمس" قائلا: "أذكّر أولياء الأمور من الآباء والأمهات بأن يراقبوا الله دوما في تربية أبنائهم وبناتهم التربية الأخلاقية الحميدة، وينشئوهم التنشئة الدينية الحسنة، حتى لا ينجرفوا وراء تلك التيارات الهدامة التي تعرف بالعلاقات العاطفية". ويضيف: "كثيرون من هواة هذه اللعبة ما هم إلا وحوش كاسرة تترقب ساعة وقوع الضحية بحلو الحديث للانقضاض عليها"، ويوجه حديثه للشباب قائلا: "الإنسان العاقل هو من يتعظ بغيره، فلا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة أيها الشباب؛ فأنتم جيل اليوم ورجال الغد وحُماة الأمة". معادلة الحب والزواج يقول عبدالله المنقور (إعلامي ومدير المراسلين بقناة الإخبارية): "العاطفة غريزة بشرية مثلها مثل الغرائز الاخرى، ان لم توجه هذه الغريزة في طريقها الصحيح، فإنه من هنا يبدأ الانحراف عن طريق الطبيعة البشرية السوية"، ويضيف: "لا احد ينكر أن المرأة جزء مهم في حياة الرجل، وفي المقابل فإن الرجل هو الآخر جزء لا يقل اهمية لدى المرأة"، ويقول: "الطفل عندما يولد يوضع على صدر امه، وهنا اشارة واضحة الى أن العاطفة هي أول محطة في حياة الانسان ذكرا كان او انثى"، ويوضح أن "العاطفة تبدأ من حضن الأم كأساس راسخ لها، وتنتهي بحضن الزوجة". ويقول المنقور: "لا يمكن ان نربط استغلال بعض بني البشر لهذا الاساس الرباني للحياة، بتشويه العاطفة للوصول الى اهداف مادية او جنسية"، ويذكر أن "المعادلة المغلوطة للعاطفة سواء كانت إعجابا أو حبا أو عشقا، ترجع للبيئة التي عاش فيها الذكر أو الانثى". ويضيف: "بعض البيئات تنكر حتى وقتنا الحاضر معادلة الحب المنتهى بالزواج"، ويوضح أن "هناك نماذج رائعة لمثل هذا النوع من المحبة الصادقة"، ويقول: "لكن المشكلة هي أننا نضع بعض الممارسات الشاذة المستغلة للعواطف كالترقيم تحت مظلة العاطفة، بينما هي استغلال لها، مثلها مثل التغرير بالشباب للانجراف الى حُفر المخدرات والسرقة والإرهاب"، وذكر أن "الوقت قد حان لوضع الأمور في نصابها، فالرجل يجب ان يحترم المرأة في العمل وفي السوق وفي اي مكان، والمرأة بدورها يجب ان تحترم الرجل، وألا يستغل احدهما نقاط ضعف الآخر للوصول الى اهداف غير شرعية". الزمان اختلف أما إسماعيل المليص (إعلامي ومذيع بقناة الإخبارية) فيحدثنا وهو على مائدة الغداء، ويقول: "إن الزمان قد تغير، وباتت مسألة تعامل الشاب مع الفتاة واقعا، خصوصا مع تعدد وسائل الاتصال"، وحول حياته اليومية في العمل، يوضح: "المكتب الذي أعمل فيه به الجنسان جنبا إلى جنب، لكن ذلك كله يسير وفق الضوابط المرعية، فبوجود الضوابط التي تحكم وجود الجنسين معا، لن تكون هناك علاقة خارج الحدود بأي حال من الأحوال"، ويضيف: "أعرف بعض الحالات التي انتهت بالزواج والحياة السعيدة، وهذه مسألة واردة التكرار"، ويقول: "إذا وجدت الضوابط تمكن الجنسان من أن يعرف كل واحد منهما ما يريد من الآخر، ومدى جديتهما في الارتباط ببعضهما". ويوضح المليص أنه "في الوقت الجاري يفترض أن يتعرف الشاب والفتاة على بعضهما أكثر"، ويشدد على مسألة أن يكون هناك من يوجه الفتاة في مثل هذه الظروف كأمها أو أختها أو خالتها أو حتى أبيها أو أخيها، "حتى لا تنساق الفتاة خلف عاطفتها؛ لأن الشاب اللعوب دائما ما يستغل مسألة العاطفة لاستمرار العلاقة دون أن يبين حقيقة موقفه"، ويضيف: "ومن جهة أخرى يتضح مدى جديته ومصداقيته عندما يعرف أن الفتاة محاطة بمن يوجهها من عائلتها، وتتطلع إلى النهاية المناسبة لمثل هذا الارتباط، وأن الأمور لن تترك دون نتيجة، وهنا سيبادر الشاب غير الجاد إلى الابتعاد فورا". الترقيم الفضائي وتقول الإعلامية هبة فارس: "العلاقات العاطفية بين الشاب والفتاة ليست جديدة على المجتمعات، فهي موجودة منذ زمن بعيد، وهناك امثلة كثيرة لعلاقات حب كان توصف قديما ب(الحب العذري)، كقصة عنتر وعبلة وقيس وليلى"، وتوضح أن "المقارنة مع ذلك الزمن مستحيلة؛ لأننا اصبحنا في زمن المصالح والماديات والابتزاز، للوصول لغايات ممنوعة ومحرمة"، وتضيف: "هناك عوامل ساعدت وسهلت انتشار هذه العلاقات بشكل كبير أولها: التقنية (التكنولوجيا) التي تعتبر نعمة اذا أحسنّا استخدامها، ونقمة اذا حدث العكس.. فوجود الجوالات بكاميرات مطورة، ووجود خدمات ذات تقنية عالية كالاتصال المرئي والإنترنت، وغيرهما في ايدي الصغار قبل الكبار، كل هذا سهل كثيرا وصول الشباب والفتيات بعضهم إلى بعض"، وتقول: "أضف الى ذلك انتشار الفضائيات والقنوات التي تتعامل بالرسائل القصيرة حتى اصبح الترقيم يجري عن طريقها". التوعية للتحصين وتذكر هبة أن "السبب الرئيسي في المشكلة هو عدم وجود توعية سواء بين الشباب أو الفتيات"، وتضيف: "يجب على الأهل ان يكونوا على قدر عال من المسؤولية والوعي في التعامل مع ابنائهم، خصوصا في هذا العصر، وعليهم ان يراقبوا ابناءهم"، وتوضح: "لا يصح ان يكون الاولاد في المرحلة المتوسطة، وكل ولد في يده جوال آخر موديل.. ولا يصح ان يترك المراهقون امام الإنترنت لساعات طويلة، دون علم الأهل بما يفعلون"، وتؤكد أن التوعية مطلب مهم لنتجنب مخاطر وسيئات هذه العلاقات التي قد تؤدي الى ما لا تحمد عقباه"، وتضيف: "ان توعية الشاب والفتاة بكثير من الامور ومنها طبيعة العلاقة مع الآخر وزيادة الوعي بتجنيب الابناء والبنات هذه العلاقات السطحية والمادية والوهمية، أمر في غاية الاهمية"، وتضيف: "هي تسلية تحت وهم اسمه الحب"، وتشدد على أهمية ان نشغل اوقات فراغ الشباب والفتيات بالمفيد؛ "لأن الفراغ يفسد الاخلاق، ويدفع الشباب لأن يملأه بما هو رديء".