مسلسل التجاوزات التي تعرض لها الأطباء في الآونة الأخيرة، لا يختلف اثنان على شناعته، وهي بلا شك نتيجة امتهان مكانة هذه المهنة المقدسة. ولكن من باب الإنصاف فإني لا ألقي بكامل الخطأ على كاهل المعتدين فقط!؛ لأبرئ بذلك ساحة الأطباء مما يحدث لهم! فلدي قناعة بأنه ما من تصرف يأتي عفوا (من الباب للطاقة)!، بل لمثير تسبب فيه المجني عليه فكان الاعتداء ردة فعل له! وما يجعلني أضع الأطباء في قفص الاتهام، هو وجود صنفين منهم - تعاملت معهما كثيرا - لا يمثلان هذه المهنة خير تمثيل، بل خلقا صورة مشوهة في أذهان الكثير من الناس عن مهنة الطب والمنتسبين إليها. الصنف الأول ويكثر في المستشفيات الحكومية، تجده يتعامل بفوقية مع المريض، وبطريقة استغبائية مجردة من الجوانب الإنسانية، فكأن المريض آلة صماء، سيارة، ثلاجة، ما عليه إلا أن يكتشف الخلل فيها ويصلحه، بطريقة من شأنها أن توتر العلاقة بينهما، والصنف الآخر، يكثر في المستشفيات الخاصة حاله ليست ببعيدة عن صائد السياح، فكما أن الأخير يتربص بكل زائر تطأ قدمه المطار لاستنزاف جيبه، فكذلك يعمل الطبيب، فما ان يدخل عليه المريض حتى يجتهد في استغلاله بأي طريقة كانت بدءا من الفحوصات التي ليس لها أهمية، وختاما بأدوية لا تباع إلا في صيدلية المستشفى. وما دام هذان النموذجان موجودين في مستشفياتنا، فلا تستغربوا أن تصبح هذه الحالات الشاذة ظاهرة في قادم الأيام يصعب احتواؤها! عبدالعزيز الغراب