كشف مسؤول سعودي رفيع المستوى للمرة الأولى عن تصادم ثلاث تيارات فكرية وسط حشد جماهيري كبير من الجنسين، وبحضور علمي وأكاديمي مميز كان طبيعيا، ،عندما استضافت جامعة الملك عبدالعزيز المحاضرة التي ألقاها الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وأكد خلالها تأصيل الاعتدال السعودي، وأن الفكر التكفيري جلب إلى الساحة السعودية فكرا تغربيا، وكلا الطرفين يهمشان الاعتدال السعودي. وأضح أمير مكة، أن ذلك يظهر في ظل غياب منهج الاعتدال السعودي كمادة فكرية واضحة في المكتبات والإعلام السعودي، إذ قال: "للأسف التأصيل المعتدل غير موجود في الكتب، ولا في الصحافة". وأوضح الأمير خالد الفيصل أن كلا التيارين (التكفيري والتغريبي) يتشابهان في أمر واحد، وهو تهميش المنهج السعودي القائم منذ تأسيس الدولة، الذي وقف أمام الفقر والجهل والمد الشيوعي وحركة جهيمان وتحالف التطرف مع الإلحاد وانتصر، وهو ذاته من حقق لنا مرحلة فكرية واقتصادية عظيمة، إذ نبني الآن المدن الاقتصادية والجامعات، إذ تتمتع السعودية بثقل عالمي على المستويين الاقتصادي والفكري. وأضاف أثناء حديثه بقاعة الاحتفالات ومركز المؤتمرات بجامعة الملك عبدالعزيز: "إنه في الوقت الراهن ظهر التطرف بحلة جديدة فكريا، إذ جمع بين التكفير والتفجير، معتمدا على تجنيد الشباب السعودي والتغرير بهم، ونجحت الحكومة في التفوق أمنيا وعسكريا". وأبان، أنه في غضون ذلك ظهر التيار التغريبي المضاد للتيار التكفيري، مستغلا ظهور التيار التكفيري الذي يدعو إلى ثقافة الانغلاق التي يروج لها، ونهى عن التعامل مع من يختلفون معه في الرأي ويستخدم العنف؛ لإيجاد البدائل للشعب السعودي، وهي ترتكز على قيم وأفكار غربية. ووصف الفيصل المرحلة الحالية بالمرحلة الصعبة، حيث تمر بفترة متأزمة عالميا على الصعيدين السياسي والعسكري، والسعودية جزء من العالم تؤثر وتتأثر في سياق السباق المعلوماتي والفكري المحموم الذي تشهده المنطقة من خلال الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة؛ فتدفقت معلومات بكميات كبيرة على الإنسان السعودي، غالبيتها تهدف إلى زرع ثقافة مضادة لثقافته. وشدد أمير مكةالمكرمة: "لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نقيم حاجزا على الفكر وتناقل المعلومات، فيجب علينا أن نتعلم ونتعود على ثقافة النقاش واستيعاب الأفكار والمعلومات". وقال: "كل يوم نكتشف أن تأثرنا بالعالم يزداد، وأن العدوى الفكرية تنتقل، وهذا ما دفعني إلى الحديث معكم، بكوني مسؤالا أشرف على عملية التنمية، وليس محاضرا، ومن أهم بنود الاستراتيجية التي نعتمد عليها هي بناء الإنسان والمكان، وبناء الإنسان مهمة شاقة ومعقدة؛ لذلك حاولنا إيجاد الآلية الصحيحة للعمل معا في بناء الإنسان السعودي فكريا". ووسط تفسير للاعتدال لُغويا، الذي يدل على الوسطية ركز على الدولة السعودية الثالثة، إذ لخص منطلق الاعتدال المنهجي لها في محورَي الاسم والعلم، إذ قال: "إن اختيار الملك عبدالعزيز راية التوحيد لتأصيل مفهوم الدولة الإسلامية ومسمى السعودية تأصيلا للانتماء العربي، كذلك تأصيل للهوية السعودية، التي ينعكس من خلالها المنهج السعودي، وهذا يأتي في سياق تأصيل المنهج الذي قامت عليه الدولتان السعوديتان الأولى والثانية. وفي ختام المحاضرة قال: "إننا في هذه البلاد مجتمعين لا للتطرف، لا للتكفير.. نعم للاعتدال الفكري".. مطالبا الجميع بالاعتزاز بالدين والانتماء إلى الوطن، وقد ذكر أن السعودية تعد من أهم دول العالم؛ وذلك لأن دينها هو الإسلام الذي يعتبر الثروة الحقيقية.