ترتفع كثير من الاصوات بالشكوى من قيام أمانة المنطقة الشرقية بتحويل كثير من الطرق من المنطقة إلى مسار واحد.. وتتعدد الشكوى بتعدد مصادرها.. فمن قائل انها تسبب له خسائر مادية في تجارته، ومن قائل انها تسبب كساد عقاراته، ومن يقول انها تعرضه للحوادث المرورية بسبب اضراره للالتفاف حول الطرق من اجل الوصول الى هدفه ومبتغاه؛ ولأن تحويل الشوارع والطرق الى مسار واحد أدى الى زيادة سرعة قائدي السيارات بسبب حرية الحركة التي اتاحها..وتشير اصابع الاتهام الى ان المجني عليه في الموضوع هو التنمية. لكن امانة المنطقة الشرقية تردّ بأنها لم تتخذ مثل هذا القرار إلا بعد التنسيق المسبق مع الإدارة العامة للمرور بالمنطقة، وانها لا تقدم على إغلاق الطرق إلا بإحاطة إدارة المرور، وبعد دراسة مستفيضة عن واقع الشارع المراد تحويل مساره، ومدى الفائدة العائدة من التحويل على قاصديه. وبين الاخذ والرد والاتهام المتبادل تظل الحقيقة وقفا على مدى التحري والتقصي لجميع جوانبها.. وتقديمها كما هي للقارئ.. وهذا ما نسعى لتحقيقه من خلال هذا التحقيق. مفاجأة غير سارة يؤكد عديد من أصحاب العقارات وملاك المحال التجارية أنهم تكبدوا خسائر عديدة من جراء إغلاق الطرق التي تقع عليها محالّهم وعقاراتهم، وتحويلها الى مسار واحد، بدلا من مسارين.. كما يشيرون الى ان توحيد مسار الشوارع نتج عنه زيادة في سرعة قائدي السيارات؛ مما قد يتسبب في كثير من المخاطر على عابري الطرق. ويوضح سعد الغامدي صاحب عقارات ذلك بقوله: “إن هذا الأمر (توحيد اتجاه الشوارع) أضرّ بأسعار المحال التي تقع عليها، حيث كانت في السابق تقدر بقيمة لا بأس بها، ولكن بعد الإغلاق أصبح يواجه أصحابها قلة في الطلب على محالّهم في المكاتب العقارية، فلم تعد مقبولة بشكل كبير لدى المستثمرين، سواء الذين يرغبون في اقامة مشروعات تنموية في المنطقة أو مشروعات أخرى كافتتاح محالّ تجارية من مطاعم واسواق وغيرهما؛ وذلك بسبب صعوبة الوصول إليها. ويدلل الغامدي على صحة قوله بأن المحال العالمية الكبرى، لا يحبذون افتتاح مشروعاتهم على الشوارع ذات المسار الواحد. ويضيف أن هذا ما لمسه من خلال الطلب المتزايد منهم على المحالّ الواقعة على الشوارع الرئيسية ذات المسارين. انخفاض الاسعار..؟! أما علي السعود وهو احد العقاريين، فيقول: “إننا نواجه عديدا من المتاعب عندما نقصد مدينة الدمام لتفقد العقارات هناك، وعرضها على طالبي المحالّ بمدينة الدمام.. والسبب في ذلك هو تحويل مسارات الشوارع إلى اتجاه واحد، بدلا من مسارين كما كان في السابق. ويشير الى أن هذا التحويل ساهم بشكل كبير في انخفاض اسعار الاراضي والمحالّ التجارية الواقعة على تلك الشوارع. ويطالب السعود الجهات المعنية بأن تقوم بعمل استبانات وتوزيعها على المحال وعلى مرتاديها؛ لمعرفة مدى الفوائد المتحققة من عملية تحويل مسارات الشوارع. ويقترح تدشين مشاريع تطويرية أخرى، تساهم في زيادة اسعار العقارات، وتسهيل حركة المرور كالقطارات المعلقة والجسور والأنفاق، التي من شأنها أن تحد من ظاهرة الازدحام، ولا تؤثر سلبا في ملاك الاراضي والعمائر. مخاطر غير متوقعة القيام بتحويل مسارات الشوارع دون تنبيه وتوعية كافية للمواطنين، يمكن ان يؤدي الى اضرار كبيرة وغير متوقعة على حياة المواطن العادي. هذا ما يؤكده المواطن سالم الحارثي، إذ يقول: “كنت معتادا على سلوك شارع الخزان في الدمام يوميا باعتباره ذا مسارين، إلا أنني فوجئت بتحويله إلى مسار واحد.. وكاد هذا التحويل المفاجئ أن يسبب لي حادثا مروريا؛ لكوني خرجت من شارع فرعي إلى الشارع العام مطمئنا الى ان الشارع ذو مسارين، ونظرت إلى الجهة اليمنى، إلا أنني فوجئت بأن الشارع قد تم تحويله إلى جهة أخرى”. إغلاق سلبي..؟! عرضنا وجهات النظر السابقة على احد خبراء الاقتصاد للتحقق من مدى صحتها، وتوجهنا بسؤالنا الى الدكتور عبدالوهاب القحطاني أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حول مدى التأثير السلبي الذي يحدثه اغلاق الشوارع وتوحيد مساراتها، فأجاب: “نحن نعاني من هذه الاغلاقات، فهي تؤثر في قطاع الأعمال والموظفين وجميع مرتادي المحال الواقعة على هذه الطرق”. وأضاف: “إنني قصدت إدارة جوازات الدمام للمراجعة، واستغرق الوقت معي للذهاب إليها مدة ساعة، بينما كنت في السابق أصل اليها في أقل من نصف ساعة.. حيث إنني سلكت طرقا لم أعتدها من قبل”. وقال: “إن اغلاق الشوارع له تأثيره الاقتصادي في رجال الاعمال و القطاعين الخاص والحكومي وكذلك في مراجعي الدوائر الحكومية بغرض إنهاء معاملاتهم، حيث يعاني كثيرون منهم لدى سلوكهم الطرق بعد إغلاقها وتحويل مساراتها، كما أنها قد تسبب تأخير الموظفين عن أعمالهم”. حق التعويض لمّا كان كثير من المواطنين قد ادعى تعرضه للضرر بسبب قرار أمانة المنطقة الشرقية تحويل مسارات الشوارع، فقد أصبح من حقهم التلقائي اذا ثبت الضرر التعويض عما لحقهم بحسب ما هو شائع ومعلوم.. فهل هذا المعنى صحيح؟ توجهنا بهواجسنا هذه الى المحامي الدكتور عبدالرحمن الفالح لنستطلع رأيه بخصوص مسألة التعويض من عدمها؛ فقال: “إذا ثبت أن أصحاب الأراضي والممتلكات الواقعة على تلك الشوارع قد تضرروا، فإنه يصبح من حقهم أن يطالبوا بالتعويض لدى ديوان المظالم، ضد الجهة التي تسببت في إغلاق أو تحويل الشارع”. وأضاف أن المصلحة العامة اذا اقتضت تحويل الشارع الى مسار واحد، فإن المصلحة العامة تغلب المصلحة الخاصة، مؤكدا أن الشرع كفيل برد الحقوق الى أصحابها.