حذر اقتصاديون هيئة سوق المال من الاستمرار في تأخير تطبيق حوكمة الشركات بصورة كاملة، مشيرين الى ان تطبيقها من شأنه توفير المعلومة بشكل واضح، ومؤكدين ان مخاطر ذلك لن تنحصر على سوق الاسهم فحسب بل ستتعداها الى كل الاقتصاد السعودي، مبدين استغرابهم من تأخر التطبيق رغم عدم وجود أي صعوبات تذكر في هذا الجانب. وأكد الدكتور فهد بن جمعة الخبير المالي المعروف، أن توفير المعلومة ونشرها اصبحا أمرين ضروريين وملحين، مشيرا الى ان ما يحدث الآن ابعد ما يكون عن الشفافية حيث تتعمد بعض الشركات عدم الإفصاح عن المعلومات، واضاف: “تطبيق الحوكمة سيساعد في تحقيق الكفاءة فعليا للسوق المالية السعودية خاصة ان النظام يجبر الشركات على ان تكون المعلومة في متناول الجميع في نفس الوقت وهو ما يعرف بتحقيق مبدأ العدالة”، واستطرد: “ ضعف تطبيق مبادئ الحوكمة (غير الملزمة حتى الآن) دفع بعض الشركات إلى إخفاء أو عدم نشر الكثير من المعلومات سواء للمساهمين أو من يرغب في الاستثمار بشكل عام، لدرجة ان الباحث عن المعلومة اصبح يجد نفسه في حيرة فلا يستطيع بناء قراراته الاستثمارية وفق المعلومات التي تحدد قدرة الشركة على النمو وتحقيق الأرباح مستقبليا وقياس مدى كفاءة وفاعلية إدارة الشركة؛ وهو ما ادى لاحقا للتلاعب بالأسعار التي غالبا ما يروح ضحيتها صغار المتداولين الذين لم تصلهم نفس المعلومة”، لافتا الى ان إخفاء المعلومات يوفر بيئة صالحة لانتشار الفساد في إدارات الشركات ويجعلها غير فعالة بسبب غياب المعلومة عن الملاك والمساهمين، فضلا عن ان غياب المعلومة يؤدي إلى عدم القدرة على التقييم الصحيح لمديري مثل هذه الشركات؛ ما يؤدي على المديَين المتوسط والطويل إلى تدني أداء وإنتاجية الشركة وتقليل مشاركتها في إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يجعلها عبئا على الاقتصاد الكلي. من جانبه اوضح فضل سعد البوعينين (محلل اقتصادي) ان كل معلومة متعلقة بالشركات المساهمة هي حق مشروع للمساهمين والمتداولين والسوق المالية ولا يحق بحكم القانون أن تخفي أي معلومة عنهم خاصة المعلومات المؤثرة في الشركة، مرجعا ضعف الشفافية في المعلومات المتعلقة بالقرارات الاستراتيجية إلى ثقافة مجالس الإدارات والرؤساء التنفيذيين التي لا تتوافق مع متطلبات الشفافية النقية، فضلا عن ضعف القوانين والجزاءات الرادعة، واضاف: “مواد النظام ما زالت استرشادية وليست إلزامية كما ان ثقافة السوق والمتداولين والمساهمين اصبحت لا تشجع على تفعيل مبدأ الشفافية”، وشخص البوعينين الحل في ضرورة دعم قوانين الحوكمة وتفعيل قرارات ومحاسبة المقصرين، ووضع جزاءات على الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة بصفتهم الشخصية لا على حساب الشركة والمساهمين، وربط عمليات التداول التي تسبق الأخبار المؤثرة بالمتغيرات الاستراتيجية، ومحاسبة كل من يثبت عليه التداول بناء على معلومات داخلية غير معلنة.