وسائل وفنون تتنوع وسائل التسول من متسول إلى آخر، وتختلف فنونه بين مدينة وأخرى.. وفي بلادنا ظهر على السطح أخيرا، العديد من الأشخاص الذين امتهنوا التسول، واختاروا محطات الوقود على الطرق السريعة، موقعا استراتيجيا، لاستدرار عواطف المسافرين الذين يقصدون وجه "رب كريم" لاستخلاص ما في جيوبهم وجني الأرباح. ولكي يكتمل المشهد الإنساني المؤثر والحزين، يحمل المتسول في سيارته امرأة ولتكن زوجته معها طفلان، ليستوقف المارة، في المحطة، ويلفت انتباههم إلى العائلة التي معه، وقد يقود سيارة تحمل لوحات محلية أو خليجية. الجمعيات الخيرية أولى يقول المواطن عبدالرزاق العوض: "تعرضت لكثير من هذه المواقف، وهي بلا شك تشوِّه سمعة المواطنين، وهذا أمر غير حميد؛ فغالبية الناس يعلمون أنهم مجرد متسولين يمارسون الكذب والخداع للحصول على المال، ويخترعون الأعذار لجلب التعاطف؛ لذا يجب عدم التعاطف معهم، ومن أراد أن يقدم مساعدات فعليه أن يقدمها للجمعيات والجهات الخيرية المعنية، ومن كان بحاجة إلى المساعدة فعليه أيضا أن يتوجه إليها لدراسة حالته ومنحه المساعدة المطلوبة.. وإن كان خليجيا فعليه أن يتوجه إلى سفارة بلده لتساعده، بدلا من التسول". ويضيف العوض: "في إحدى محطات الوقود على طريق الأحساء استوقفني آسيوي الجنسية يقود سيارة إماراتية، وأخذ يشتكي لي حاله وحال أسرته التي معه في السيارة، وبمجرد أن أمعنت النظر داخل السيارة، وجدت أن يدي زوجته ممتلئتان بالذهب، وفي يدها ويد ابنها هاتفا جوال، حديثا الصنع، ناهيك عن هاتفه هو، بينما هو يتحجج بأنه يحتاج إلى أي مبلغ لكي يتمكن من إطعام عائلته؛ لأن المبلغ الذي يحمله لا يكفي للبنزين والأكل، وبعدما كدت أعطيه مبلغا من المال، اقترحت عليه أن يبيع شيئا سواء من الجوالات التي بحوزته أو الذهب الذي مع زوجته، بدلا من التسول، إلا أن فكرتي لم تعجبه، فشكرني وغادر". ويختتم العوض بقوله: "ليتها تقف عند محطات الوقود بل تجد المتسولين أيضا في أسواق البحرين؛ حيث يذكرون أنهم في حاجة ماسة إلى 20 ريالا ليتمكنوا من دفعها رسوما للجسر في اتجاه العودة إلى الوطن، وبالطبع سيجنون أكثر من هذا بكثير من خلال طلبهم للقليل". ويقول: "أتمنى أن تكون للسفارة كلمة صارمة مع هذه الفئة". كشف اللعبة المواطن عيسى الفتحي تعرَّض هو الآخر لمثل هذا الموقف، الذي يروي تفاصيله فيقول: "كنت برفقة أحد زملائي متوجهين إلى الرياض، وبمجرد أن توقفت لأتزود بالوقود وقف بالقرب من نافذة الراكب بسيارتي أحد الأشخاص برفقة عائلته، وذكر لي أنه في حاجة ماسة إلى 100 ريال، من أجل أن يتزود بالوقود، لكي يصل إلى الرياض، فأخرجت المبلغ من جيبي، لكن زميلي الذي كان معي رفض أن أعطيه المبلغ، ووجَّه إليه الكلام قائلا (قد لا تذكرني ولكني أذكرك جيدا، في الأسبوع الماضي أعطيتك 100 ريال من أجل العذر ذاته.. وها أنت مرة أخرى تستخدمه)، وهنا أسقط في يد المتسول وشعر بحرج الموقف الذي وضع نفسه فيه، بينما زميلي يخيِّره بين أمرين إما أن يعيد إليه ال100 ريال أو أن يذهب من هذه المحطة قبل أن يبلغ دوريات أمن الطرق، وغادر المتسول المحطة، ولو لم يكن زميلي قد تعرض لهذا الأمر لوقعت أنا أيضا في الفخ، بعد أن استعطفني منظر عائلته وأطفاله".