يعد السامري من أشهر الفنون الشعبية في الجزيرة العربية، وهو فن راقص يكتنفه الغموض في بعض جوانبه، ولاسيما فيما يتعلق بحالات التلبُّس التي يصاب بها بعض الحاضرين في حفلاته، وعند هذه النقطة كان ل"شمس" استقصاء عن هذا الفن؛ لمعرفة ما يقال عنه، متيحة للمهتمين بهذا الفن أن يقولوا ما لديهم، كما أخذت برأي المختصين. يذكر عبدالله القحطاني (من المهتمين بالسامري) أنه حين يسأل عن هذا الفن تقفز في ذهنه صورة صديقه عبدالرحمن، وما ذاك إلا لموقف غريب حدث له في إحدى الحفلات: "في إحدى الليالي حضرت بصحبة عبدالرحمن إلى إحدى هذه الحفلات، فما كان منه بعد أن بلغت النشوة مبلغها إلا أن وقع مغشيا عليه، وبعد ربع ساعة استفاق عبدالرحمن من تلك الحالة، وأخرج من فمه قطعة عود (بخور)! لا يقل حجمها عن ثلاث أصابع"، وبحسب رواية عبدالله فإنه وُضعت هذه القطعة على الجمر فانبعثت منها رائحة زكية: "على الرغم من معرفتي الجيدة بالعود، وبأنواعه إلا أني لم أجد مثل هذا العود، فشكله ورائحته فريدان من نوعهما". ولا تقف المشاهدات الغريبة التي كان فيها عبدالله شاهد عيان عند هذا الحد، فالمواقف المدهشة والعجيبة مستمرة مع متابعي فن السامري: "من المواقف التي حضرتها أذكر أن أحدهم كان بصحبة إحدى الفرق المشهورة بأداء السامري، فما كان منه بعد وقت قليل من تمايله معهم إلا أن قام ليتخذ من الجمر مجلسا له، دون أن يعير حرارتها اهتماما، ورغم هذا هُرع إليه من كان حاضرا لإزاحته عن الجمر خوفا من أن يلحقه ضرر"، ويشير عبدالله إلى أن هذا الشاب لم يجد أثر النار التي عرّض جسده لها إلا بعد أن أفاق من حالتي النشوة والتلبس اللتين ألمّتا به. حبر ومن جانب آخر، يضيف أحد عشاق السامري أن هناك حالة كثيرا ما تتكرر لدى من ينتابهم التلبس في حفلات السامري: "منذ حضوري أول حفلة سامري شاهدت أمرا غريبا بلغ على أثره الذعر مني والهلع مبلغه، وشعرت بقشعريرة تدب في كل خلية من خلايا جسدي. كان هذا حين قام أحدهم يتمايل في وسط الجلسة، وبعد دقائق مما قام به، كشف بطنه لنا ثم وقع مغشيا عليه، ليتقيّأ حبرا أسود!". ومن جانبه يؤكد سالم (من متابعي السامري) هذا الأمر وعن السبب يضيف: "هذا ناتج عن الجن الذي يتلبس بهؤلاء الحاضرين، ولم يعد خروج الحبر من فم الملبوس أمرا مستغربا فكثير ما يحدث هذا". محاذير وهناك محاذير يجب على حاضر السامر تجنبها، يذكرها محمد الغامدي قائلا: "من أهم هذه المحاذير ألا يشبك أحد من الجالسين بين أصابعه، وسبق أن حضرت إحدى هذه الحفلات وأثناء قيام الفرقة بضرب الطبول، قام أحد القائمين على الحفلة، وقصد أحد الجالسين، وزجره ثم أمره أن يفك أصابعه"، ويذكر الغامدي أمرا آخر يرى أنه من الأهمية بمكان؛ لذا يجب على حاضر السامري أن يتجنبه: "يجب ألا يحضر أحد وهو على جنابة، وهذا ما يؤكده القائمون على (الزار) دائما، وأذكر أن أحدهم حضر معنا ولم يغتسل، وأثناء ضرب الدفوف قام أحد الملبوسين وأخذ يصرخ حتى أوقفوا ضرب الطبول، وحين سألوه عن السبب أشار إلى أن أحد الحاضرين على جنابة، ثم أخذ يتصفح وجوه الحاضرين حتى توقف عند صاحبنا ثم طرده من الجلسة، وحين سألناه عن صحة ما قاله الملبوس أجاب بصحة ما قاله، ثم عادوا إلى إكمال حفلهم بعد أن رحل صاحبنا"، وعما قد يحدث إن لم يستجب أحد ما لهذه التعليمات يضيف الغامدي: "إن أصر أحد على تجاوز هذه المحاذير، فإنه عرضة للتصلب، أي أن الجنّي يعطل حركته فيبقى متصلبا مكانه، إلى نهاية الحفل، وهو أمر قد يطول بل رأيت من تصلب لأيام". اختلاف ويختلف - بحسب رواية المهتمين بالسامري - الجنّي الذي يدخل هؤلاء الملبوسين، فمشعل (أحد من يصيبهم التلبس في الحفلات) يذكر أنه تعرض لمثل هذا: "تلبس بي ذات مرة جنّي مغربي، وفي حفلة أخرى تلبس بي جنّي عماني، بل الأعجب من هذا أنه تلبس بي جنّي اسمه (فارس) من الهند، وحسب ما ذَكر من كان حاضرا في تلك الليلة، فإنني بدأت أتكلم العربية بطريقة مكسرة كما تتحدث العمالة الهندية حين يتكلمون معنا بالعربية"، والجن الذين يحضرون هذه الحفلات درجات، وقد يحدث بينهم عداء واختلاف يقول سعد: "قيل لي إنه في إحدى الحفلات قام جنّي بتصليب آخر؛ ولكونه أقدر منه فقد استطاع أن يفعل ذلك به" وعن السبب في تعاديهما بحسب رأيه يضيف سعد: "هذه المعاداة ناتجة عن الاختلاف فيما بينهما سواء في الدين، أو الجنسية، أو حتى الجنس!، فتجدهما يتنافسان على التلبس بأحد الحضور فيحدث بينهما العداء". تنظيم ويذكر مبارك (عضو في إحدى الفرق) أن هناك أماكن يتم الاجتماع فيها:" فالحفلات التي تنظم لا تكون في أي مكان كيفما اتفق، بل تكون في الاستراحات النائية عن الناس، أو في المزارع البعيدة عن المدينة، وفي أحيان أخرى تكون في الفضاء الطلق، وذلك بعيدا عن الآخرين الذين قد تزعجهم الأصوات المرتفعة والطبول"، ولا يرتبط السامري بأماكن معينة فقط بل هناك أيضا أوقات لهذا الفن،" من المؤكد أن الاجتماعات تكون في أواخر الأسبوع، وفي الإجازات ولكن هذا لا يعني أنه لا تكون في أوقات أخرى فجميع الأوقات تتم فيها الاحتفالات، ما عدا شهر رمضان فنتوقف فيه كلية حتى ينقضي، ثم نعاود تنظيم الحفلات بعد ذلك". ويشير مبارك إلى أن الحفلات تنشط في شهر شعبان كونه يسبق رمضان الذي يتوقف فيه هؤلاء عن أداء السامري - بزعمهم - لأن الشياطين تصفد، وعما يقال من أن هناك تذاكر:" نعم هناك عمل منظم من قبل بعض الفرق، يتم فيها الحجز بتذاكر".