ليس ثمة شك في أن القطاع الصحي بكل أنواعه حقق الكثير من الإنجازات، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث عملت الوزارة على وضع السياسات والآليات التي تعمل على النهوض بالقطاع، خاصة الحكومي، إلا أن ثمة إشكاليات نالت من إنجازاته، خاصة فيما يتعلق بالأطباء السعوديين وحقوقهم؛ الأمر الذي أدى إلى عزوف الكثير منهم عن العمل بالمؤسسات العلاجية بالقطاع الحكومي واتجهوا إلى المؤسسات الخاصة التي شهدت خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في الرعاية الصحية تميزت بها عن المؤسسات الحكومية على الرغم من توافر الإمكانيات المالية والطاقات البشرية في الوزارة. الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات والاستفسارات التي تواجه الأطباء السعوديين في المستشفيات الحكومية؛ حيث يعزف بعضهم عن العمل فيها؛ نظرا إلى عدم توافر الإمكانيات وضعف الرواتب وثبات الدرجات الطبية للأطباء، إضافة إلى كثافة المرضى فيها التي تؤدي بدورها إلى تدني مستوى الخدمة. “شمس” بدورها طرحت القضية وناقشت أهم الإشكاليات التي تواجه الأطباء السعوديين في هذا الجانب. أخطاء متكررة أكد الدكتور محمد شاوش (المشرف العام على برنامج مستشفى الأمل للصحة النفسية استشاري الأمراض النفسية بجدة) أن عمل الطبيب في القطاعات الحكومية هو بمثابة قتل للطموح، مشيرا إلى أن الطبيب لا يشعر بقيمته نتيجة عدد من الإشكاليات والمعوقات التي تواجهه في القطاع الحكومي، مؤكدا غياب الأنظمة بشكل كبير، ولافتا إلى حجم المهام واللجان فيه، إضافة إلى الضغوط التي تمارس على الطبيب في القطاع الحكومي مقارنة بالقطاع الخاص، وأضاف: “مستشفيات القطاع الحكومي تتميز عن غيرها بكثافة المرضى؛ الأمر الذي يتطلب من الطبيب جهدا أكبر للتغلب على كثافة المرضى ويجعل الطبيب عرضة للأخطاء الطبية بشكل أكبر”. وأشار إلى أن المقابل المادي للطبيب في القطاع الحكومي ضئيل جدا مقارنة بالقطاع الخاص، على الرغم من اختلاف الجهد؛ ما أدى إلى عزوف الأطباء عن القطاعات الحكومية؛ الأمر الذي جعل وزارة الصحة تبحث عن الكوادر الطبية في البلدان الأجنبية على الرغم من وجود كوادر سعودية متوافرة بإمكانها حل المشكلة، مؤكدا ضرورة إعادة السياسات الخاصة بالمؤسسات العلاجية في القطاع الحكومي، ولافتا إلى وجود إقبال كبير من القطاعات الخاصة على الطبيب السعودي الذي استطاع أن يثبت نفسه في القطاعين الخاص والحكومي، على الرغم من عزوف البعض عن العمل في المستشفيات الحكومية. عروض أفضل وقال إبراهيم الصايغ (مدير مجموعة الفيحاء الطبية) إن القطاعات الخاصة استطاعت أن تنافس القطاعات الحكومية في استقطاب الكوادر الطبية إليها، خاصة السعودية، وذلك بعمل جدولة خاصة بالطبيب السعودي؛ الأمر الذي أعطى للمنشأة الصحية إضافة مميزة؛ وذلك لوجود تفاعل واضح بين المواطن والطبيب السعودي الذي أثبت نجاحه في كل التخصصات وعلى كافة الأصعدة، بخلاف ما كان عليه في السنوات الماضية. وأضاف أن القطاعات الصحية الخاصة استغلت ضعف المقابل المادي في المنشآت الحكومية وقدمت أفضل العروض للأطباء السعوديين، واستطاعت أن تجلب الكفاءات الطبية إليها؛ ما أدى إلى ضعف الأداء لدى بعض المنشآت الصحية الحكومية التي فقدت الكثير من الكوادر المميزة؛ الأمر الذي أعطى دفعة قوية للقطاعات الخاصة في تقديم خدمات تتميز عن المؤسسات الحكومية في الأداء والجودة، مبينا أن أهم ما يميز القطاعات الصحية الخاصة هي وفرة الإمكانات الطبية والأجهزة النادرة التي قد لا يجدها الطبيب السعودي في القطاعات الحكومية عكس ما يجده في المستشفيات الحكومية من نقص في الكوادر والمعدات الطبية”. تباطؤ ملحوظ وأشار الدكتور عبدالرحمن الدخيل (استشاري العيون والشبكية) إلى أن الطبيب السعودي يظل على راتبه الذي أقرته له الوزارة منذ سنوات، مشيرا إلى وجود علاقة طردية بين الخدمات الطبية ورواتب العاملين فيها؛ حيث تطورت الخدمات وهُمِّش الأطباء، مستغربا من التباطؤ الملحوظ من المشرفين على الكوادر الطبية في رفع معدلات رواتب العاملين في القطاعات الحكومية، ومشيرا إلى أن استمرار الوضع الحالي يعمل على غياب الأطباء من المستشفيات الحكومية ويساعدهم على الاتجاه إلى دول خليجية مجاورة أو العمل في القطاع الخاص، وطالب الدكتور الدخيل بإتاحة الفرصة للتقاعد المبكر للأطباء، مبينا أن الطبيب السعودي عانى كثيرا من أجل الحصول على الشهادة الطبية.