قرأت في العدد (1116) الصادر بتاريخ 5/2/1430ه الموافق 31/01/2009م موضوعا بعنوان (جزاء الإحسان).. ليس العجب أن ترى ظلم الإنسان لأخيه، أو تعدي القوي على الضعيف، فالضعيف طعم للقوي في كل عصر وزمان، وهذا قد يكون قاعدة في الحياة فليس هذا محلا للعجب. وإن تعجب فالعجب لولد صرف والده زهرة شبابه في تربيته، وبذل الغالي والنفيس في تربيته وتنشئته، وأعده لنوائب الدهر. فلما اشتد ساعده وتكاملت قوته ناصب أباه العقوق ونغص عليه حياته، وجعله ذليلا بعد عز، ومعسرا بعد يسر، بل قتل والديه أو أحدهما! وهل في الكون ولد بلغ به الجفاء والعقوق، أن يقتل أبويه أو أحدهما بعد الإحسان إليه؟! إنني لا أستطيع أن أؤمن بوجود إنسان به شيء من الإنسانية يمد يده بالسوء إلى من أحسن إليه، فكيف لنا أن نتصور ولدا يقْدم بل يفكر في قتل أبيه أو أمه اللذين رعياه بإحسانهما وغمراه بعواطفهما منذ ولادته حتى بلوغه ذروة القوة والشباب! نعوذ بالله من قسوة القلوب ومن الضلالة. ألم يعلم بأن الله يرى؟ ألم يسمع أو يقرأ قوله تعالى: "فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرا". (الإسراء: 23 24). لا بد لمثل هذا الولد العاق أن يبتلى بأولاد يعقونه في كبره، ولا يرحمونه في شيخوخته، وسيسقونه كؤوس الذل والهوان، كما سقى أبويه فكما يدين المرء يدان ولا يظلم ربك أحدا.فيا أيها الأبناء إذا أحببتم أن يكون أبناؤكم بررة فبرّوا آباءكم، وأحسنوا إلى أنفسكم بإحسانكم إليهم، ولا تسيئوا معاملتهم؛ لقوله تعالى: "من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد".