يبدو أننا لسنا وحدنا المهمومين بقضايا تكافؤ النسب - دون خلق الله كلهم - كما كنا نعتقد. فقد أصدرت محكمة جزائرية حكما بالسجن ستة أشهر على شاب فقير بتهمة (إهانة موظف سامٍ) بعدما حاول التقدم لخطبة والية ولاية مستغانم. وتكافؤ النسب في الزواج واحدة من أغرب المسائل الفقهية، إن لم تكن الأغرب على الإطلاق (إذا استثنينا رضاع الكبير). ويظهر - والعلم عند الله - أننا كنا نجحف كثيرا في حق محاكمنا التي لا تصل أحكامها في هذه القضية إلى السجن، بل تقتصر فقط على الفصل بين الزوجين وهدم رباط أسري مقدس قام على كلمة الله - لا على تمايزات منتنة - وبُني على توافق وتراضٍ بين طرفين معنيين، غير عابئة بما يمكن أن يترتب على حكم كهذا، من جنوح إلى أبغض الحلال وحرمان طفل بريء من أحد أبويه أو كليهما. وما يزيد الأمر غرابة هو أن السنة الشريفة لم تتضمن نصا، قطعيّ الثبوت قطعي الدلالة، يشير إلى ضرورة الفصل بين الزوجين حال طلب طرف ثالث (فضولي وفقا لتوصيف الفقه الإسلامي) يدّعي عدم التكافؤ بينهما. بل إن الثابت في النص القرآني أن شريفة من أشراف مكة هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم (زينب) كانت متزوجة من (المولى) زيد بن حارثة - رضي الله عنه - في صدر الإسلام. الإسلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق، لا الأنساب.. والتشريع الإسلامي يبني ولا يهدم.. فهل تغيرت هذه المبادئ السامية؟