صفة التسامح من أجمل الصفات وأنقاها، فالمتسامح تجده لين الجانب طيب المعشر يستطيع أن يدخل القلوب دون قيود ولا رتوش. فالتسامح كان ظاهرا في الحضارات القديمة وفي الإسلام برز هذا الخُلق، وهذبه الإسلام أكثر فأكثر، فهو من مكارم الأخلاق التي حثّ عليها ديننا الحنيف، وقد برزت القصص المتتالية الدالة على قيمة التسامح وجماليته، ونبي الرحمة محمد صلوات الله وعليه وسلامه أبرز مثل وأنقى نموذج عرفه التسامح. ويأتي فتح مكة من القصص الفاعلة التي تدل على تسامح هذا النبي وعفوه عند المقدرة، فكان بإمكانه في ذلك الوقت القضاء على من شاء من كفار قريش، ولكن لتسامحه عفا عن الكبار والصغار والنسوة واختتم نمذجة التسامح بقوله: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، فيا لروعة التسامح عنده صلوات عليه وسلامه! وهناك في حقائب التاريخ حكايا حلوة المذاق عن هذه التسامح. والآن في مجتمعنا نجد متسامحين كُثيرين، وعلى النقيض مُقفلون لا يحبذون التسامح ولا يريدون فتح أبوابه، قد يكونون مصابين بداء الجفاء وخلافه الذي طلى قلوبهم فبهت التسامح ولم يعد له قيمة. المتسامحون عُملة نادرة في هذا الزمن. نقاء الأفعال وبياض التعامل وصفاء السريرة من صفات المتسامحين، وإذا غاب خلق التسامح تُضحي الدنيا كئيبة وبائسة. فالمتسامحون مقبلون في جميع فئات المجتمع العقلاني، ويستطيعون تجاوز العقبات والكوارث أيا كان حجمها؛ لأنهم يعرفون كيف يتعاملون مع النوائب فصروف الحياة لديهم ليست فائتة الفوات، بل يسيطرون عليها؛ لذا قادرون على غرس الابتسامة على المُحيّا. وهناك من يلوك في غضبه وتذمره ونظرته البائسة، فهو متقلب المزاج متعرج الخطى، الدنيا لديه رمادية تخلو من البياض والصفاء. أطفالنا فلذاتنا الغالون، زوجاتنا، جميع أهالينا، علينا أن نغرس فيهم التسامح ونساعد في مدّه، فهم يملكون مساحة شاسعة من الأخلاقيات فلا ضير أن يكون التسامح ديدنهم القادم في التعاملات الاجتماعية.