من أعجب ما قرأت، دعوى تقدم بها مواطن يطالب فيها بإثبات نسب طفل أنجبته مطلقته بعد ثلاث سنوات من انفصالها عنه وارتباطها بآخر، مستندا إلى رؤيا أتته في المنام (القضية في مدونة الأحكام القضائية). ويبدو أن تفسير الأحلام أمر (عمت به البلوى) كما يقول الفقهاء. إذ يندر أن يخلو يوم لا تطالع فيه واحدا من هؤلاء الذين يدعون علمهم (اللدني) بخفايا الأحلام ومعرفتهم التامة بأحوالها وتفسيراتها. وللحق.. فنحن مجتمع طيب، سهل الخداع، وكثيرا ما تنطلي عليه الحيل بكل أشكالها وصورها وأنواعها، لا سيما إذا ما لُبِّست هذه الخدع لباس الدين والتقوى. وإذا ما كان التفسير علما قائما له أصوله وقواعده، فما القول في مفسر يلقي جوابا حاضرا دون استفسار شافٍ عن حال السائل وظروفه وطبيعة الرؤيا؟ بل يصل الأمر حدا يطابق أفاعيل الشعوذة والدجل، حين يحذر المفسر – وغالب التفسيرات كذلك - من أعداء داخل الأسرة، أو من صديق متربص، أو حتى من سحر معمول، بما يوقع الريبة ويحدث القلاقل ويخرب البيوت.رغم قناعتي بأن تفسير الرؤى ثابت في القرآن، إلا أن الإغراق فيه والانشغال به، وتخصيص البرامج له، لا ينم إلا عن أننا مجتمع، يغيّب العقل أحيانا ليسلم نفسه لمروجي الخرافة والتضليل.