الحﺐ العُذري خفت ومْضه في التعاملات الاجتماعية، ولم يعُد هناك حُﺐ، قالها ﺃحد الأصدقاء، فتعجبت لحاله وقلت: يوجد يا صديقي ولا يزال بخير، فقال ساخرا: "لقد مضى مع جميل بن معمر، وبساطة العشاّق الأقدمين". قِست ذلك الكلام على تعاملاتنا الاجتماعية، وﺃرسيت فكرة داخل نفسي: هل مضى ﺃم ﺃنه باقٍ بحالته التي ﺃعهدها؟ فالبعض لا يزال ينعم بثقافة الحﺐ العذري البسيط الذي يخلو من المجاملات، وخلق القِمم المثالية، تجده يهيم مع زوجته وﺃولاده، ﺃمه، ﺃبيه، وجميع الأحباب بسليقته؛ فطريقته نابعة من القلﺐ وعقلانية الروح. والبعض الآخر رسم الحﺐ بقلم رصاص فمحاه عنوة ورغبة منه، يحسبه طيفا من خيال ينتهي بمرور الزمن، وﺃنه حالة اعتيادية والمضي فيها نقصان وذم. ﺃولئك العشاق الذي مضوا، كانت لديهم فلسفة شعرية نثرية اجتماعية ﺃيا كانت؛ فهم يُرجّحون اليقين على الزيف. حتى لو لم ينته ذلك الحﺐ بنتائج إيجابية، فإنهم يعرفون كيف يعشقون. ومن منظور إسلامي بحت، الحﺐ العذري له مجال فسيح في الثقافة الإسلامية؛ فالإسلام هذب الحﺐ العذري وجعله ﺃكثر قبولا وارتياحا. لم يجعل له قامات وهامات، ﺃو بدائل ووسائط بل جعل الاتفاق والائتلاف في مرضاة اﷲ ديدنه ومقياسه. ونحن الآن نجد نقيضا عجيبا لهذا الحﺐ العذري الذي خفت ومضه؛ حيث ﺃضحى لدى البعض من القصص الخيالية كألف ليلة وليلة. ولكن من لا يؤمن بالحﺐ العذري وكيف جعله الإسلام شاهقا، فهو فرد خالٍ من مُسلّمات العاطفة. ولا ﺃنسى صديقي، فإنني ﺃقول له بملء الثقة: هناك حﺐ صاحٍ، ولا يزال على قيد الحياة.