قد لا يتجاوز الفرق بين كلمة صفقة وصفعة حرفا واحدا في الإملاء، إلا ﺃن المعنى يملك من الفوارق ما يمكن ﺃن نفصل به الشرق عن الغرب. وبما ﺃننا الآن نعيش فترة ساخنة تتمثل في موسم الانتقالات والتعاقدات الشتوية نجد الشارع الرياضي السعودي يلهث إلى درجة الغليان خلف الفوز بالأفضل لترميم صفوف الفرق التي ﺃرهقها السباق المثير لدوري المحترفين السعودي وتدعيم وتقوية صفوف ﺃخرى تبحث عن الإنجاز. وبكل تأكيد، فإن كل ناد يدخل في سباق مع الزمن وصراع مع الآخرين لاقتناص الأنسﺐ لفريقه، واضعا في حساباته ﺃمورا كثيرة، من بينها المادة التي ﺃصبحت تشكل ﺃمرا ثانويا، في ظل النقلة التي تشهدها الأندية في عالم الاحتراف بعد اقتحام الاستثمار للمجال الرياضي وتوقيع عقود تدرّ على الأندية ملايين الريالات. ولعل المنظر العام لما يحدث في الساحة الرياضية يكاد يكون نسخة كربونية لما سبق من مواسم تعاقدات؛ حيث تجد الجميع يطالبون بضم اللاعﺐ الفلاني ﺃو قيادة المدير الفني (العلاني) لدفة الأمور التدريبية في ناديهم وسط احتفائية إعلامية ﺃشبه ما تكون بالزفة المؤقتة التي تتحول إلى حالة من العداء العارم والانتقاد اللاذع مع ﺃول اختبار حقيقي دون منح الضيف الجديد فرصة لإثبات الوجود والتأقلم مع الأجواء في الدوري. وربما تكون الفترة الحالية فرصة لجمع ﺃكبر (غلة) من المال بالنسبة إلى الأندية التي تملك لاعبين جيدين، وكذلك اللاعبون ﺃنفسهم، في الوقت الذي يقع فيه ﺃصحاب الأموال الطائلة ﺃمام خيارين: إما النجاح ﺃو الفشل، حتى إن تعدت دراساتهم لوضع نجمهم الذي يطالبون به وقتا ﺃطول من الأشهر الأربعة التي يرغبون الاستفادة من خدماته فيها. هنا يجﺐ ﺃن نقف جميعا لنضع هدفا ﺃساسيا في عملية التعاقد مع اللاعﺐ ﺃو المدرب الذي نحتاج إليه فعلا، وليس التعاقد من ﺃجل الوجاهة، وفي النهاية يكون مصير الملايين التي صرفت على الصفقة (التجميد) على دكة الاحتياط. كما ﺃن الوضع الراهن فتح بابا واسعا للسماسرة، خصوصا الخارجيين منهم، للعﺐ على ﺃوتار التنافس السعودي بين الأندية على اللاعبين والمدربين، مثلما حدث في قضية الأرجنتيني مانسو الذي جدد صراع الاتحاد والأهلي، وانتهى بتدخل حكيم من القيادة الرياضية السعودية. كل الأمنيات للأندية السعودية بالتوفيق في صفقاتها التي تبرمها الآن والتي إذا كانت ناجحة فإنها ستفيد رياضتنا بكل تأكيد، ولا تكون كما يقال في المثل الدارج (نبيها طرب.. صارت نشﺐ)؛ بمعنى ﺃننا ننتظر ﺃن تكون وداعية ﺃي لاعﺐ ﺃو مدرب يحضر إلينا في نفس درجة حرارة الاستقبال التي يحظى بها عند وصوله على المستويين الجماهيري والإداري لكي تكون الصفقات صفقات بالمعنى الحقيقي وليست صفعات.