طور المخرج محمد سعيد حارب فكرة العرض المسرحي (فريج فلكلور) الذي قدمه سابقا في 30 دقيقة إلى عمل مسرحي متكامل مساحته الزمنية 90 دقيقة، هو الأغلى إماراتيا من حيث قيمة بطاقة دخوله التي وصلت إلى 1200 درهم على خشبة مسرح ﺃرينا في مدينة جميرا بدبي على مدار عشرة ﺃيام تختتم غدا، يقود فيه يوميا نحو 300 فرد ما بين ممثلين وفنيين وراقصين، مدعوما بخبرات عالمية في هذا المجال ولمسات لحنية تراثية للملحن إبراهيم جمعة. ويخوض حارب تجربة تمثيلية لأول مرة في مشواره الفني بشكل عفوي حينما يأتي من صفوف الجمهور إثر طلﺐ العجائز الأربع اللائي عرفهن الجمهور العربي عبر المسلسل الكرتوني "فريج" (ﺃم سلوم وﺃم خماس وﺃم سعيد وﺃم علاوي) الاستعانة به من ﺃجل التغلﺐ على مشكلة مصيرية واجهتهن شهد العرض الأول ل(فريج) حضور عدد من الجياد التي ﺃجاد محمد حارب تحريكها بشكل ممتاز، وذلك في ﺃحد المشاهد العالمية التي شهدها مسرح ﺃرينا، في استعراض نادر جدا، ولم يكن الجمهور على يقين تام إذا ما كانت الجياد التي تم استخدامها على المسرح حقيقية ﺃم ﺃنها مطاطية تحرك عن بعد بحرفية شديدة، بسبﺐ تقديم كل منها عروضا خاصة شديدة التميز على نحو يشكك بالأساس في كونها جيادا، لا سيما مع طول فترة عروضها. في سياق الحدث الدرامي، لتبدﺃ رحلة مبتكرة في خلط الواقعي بالمتخيل والأسطوري بالتاريخي على نحو (فانتازي)، تظهر فيها ا لشخصيا ت ا لمسر حية ا لحية جنبا إ لى جنﺐ، الشخصيات الكرتونية ثلاثية الأبعاد من زاوية الرؤية البصرية، في نفس الوقت الذي تتم فيه الاستعانة بشاشات سينمائية تنساب في ﺃوقات بعينها، وتسحﺐ في ﺃخرى لتكشف مساحات ﺃعمق في المسرح المعتمد على خلفيات ذات مستويات متعددة. الإبهار البصري والمؤثرات الصوتية والإكسسوارات كلها عوامل استمدها حارب من ﺃدوات المسرح الغنائي، فضلا عن المجاميع البشرية ا لمد ر بة تد ر يبا عا ليا على الأداء الجماعي الراقص الذي يخدم سياق الأحداث المبنية على حدث يقود العجائز الأربع، إلى مغارة مارد يتيح ﺃمامهم ا لفر صة للإ بحا ر عبر سا لف التاريخ بعدما يتمكنون من حل لغزه الشعري الذي جوابه دبي. البداية الأسطورية لم تحل دون الدخول في تجسيد شواهد من حضارات شرقية متعددة بعد خلق درامي مبرر لها وهو الإبحار إلى عام 738 هفي المغرب والتقاء العجائز بالرحالة العربي الشهير ابن بطوطة، الذي سألهم إذا ما كان التاريخ تذكر حماره الذي رافقه في رحلات كثيرة، لتجاوبه إحداهن بغمز سياسي ناقد نال استحسان الجمهور بأن "كتﺐ التاريخ ذكرت حميرا كثير ة، و ليس هذ ا ا لحما ر تحديدا"، ليعرج الحدث بعد ذلك إلى التطرق عبر لوحات مشهدية مفعمة بالحركة المسرحية إلى عرض ملامح من تراث الحضارة التركية والأندلسية والمصرية القديمة والهندية والصينية وغيرها. كل هذه الرحلات المتخيلة للعجائز الأربع، التي عرضت خلالها مشاهد حية على المسرح لم تكن مرضية بالنسبة لهن وهو ما جعلهن يستعن بحارب الذي ﺃخبرهن بما يشبه كلمة السر ﺃو الجملة السحرية وهي "ماضينا الغالي.. دوما في بالي" التي جعلت الحضور بفعل تأثير الجرافيك شديد الحرفية وجودة ودقة المؤثرات الصوتية والبصرية يشعر بأنه ﺃضحى جالسا على ﺃحد ضفاف شواطئ الإمارات، مستمتعا بعذوبة ﺃهازيج الغواصين الباحثين عن اللؤلؤ الذي يخبئه المحار مثل "اوه يا مال" و "وداع" اﷲ، ليستكمل حارب المشهد بتصوير طريقة انتظار النساء بشغف وقلق لرجوع رجالهن من تلك الرحلات الخطرة، وما يبدينه من مظاهر فرح بعد عودتهم سالمين.