لم يكن () فلاح يدرك ﺃي معنى وقيمة لهذه الحياة. كان شابا يهيم على وجهه في الأرض باحثا عن كل شيء إلا () ذاته، تلك الذات التي، جهلها وجهل قيمة، معناها ومادة () خفية وهبها اﷲ له. في تلك الأيام كانت مراهقته تشكل هاجسا لوالدته التي لم تجد غير الدعاء له سبيلا؛ () لعله يخرجه من تلك () المشكلات التي وقع، فيها وﺃوقع معها فؤاد تلك المرﺃة. تمضي الأيام وفلاح لا يزال مصدرا لإثارة (نوبات) القلق في هذا، المنزل عن تلك الفترة: يقول "ﺃذكر تلك الأيام التي كنت ﺃسافر فيها مع ﺃصدقاء السوء إلى، الخارج ولا زلت ﺃذكر () بخجل تلك الكلمات التي كانت ترددها ﺃمي وهي تلحق بي؛ راجية مني ﺃلا ﺃذهﺐ" معهم. وعلى الرغم من كل هذا يفتح فلاح الباب، خارجا مودعا والدته بطريقة () اليوم يجزم بأنها كانت تعبّر عن حالة (موت) القلﺐ في بدنه في حينها. بالنسبة، إليه لم تعد مسألة () إغلاق ﺃبواب الرزق في وجهه آنذاك تثير، تعجبه فهو اليوم مدرك تماما تلك الأسباب التي ﺃدت إلى () قطع، رزقه إذ لم تكن مسألة إغضابه والديه سببا وحيدا ﺃدى به إلى ذاك، الحال فكذلك كان (بُ عده عن) اﷲ سببا كافيا لانقطاع رزقه من، جهة والإحساس بذاك الشعور الذي ظل يردد في جوفه على الدوام بأنه (لا) شيء من جهة ﺃخرى. لقد كان هذا الشاب () مثالا للضلال والضياع بأدق تفاصيلهما. كانت ليلة شتوية ماطرة () ﺃجبرته ﺃن يعود إلى منزله، مبكرا وتحديدا عند الساعة العاشرة من مساء ذاك اليوم. دخل فلاح المنزل ليعبر بالقرب من غرفة نوم والديه. سمع صوت والده العجوز () المبحوح يردد آيات من الذكر الحكيم. لا يعلم فلاح ما الذي ﺃوقفه () عنوة ﺃمام باب الغرفة؛ ، ليستمع وينصت، كذلك بل ويتدبر قول اﷲ عز وجل. على الفور دخل هذا الشاب إلى غرفته؛ ليضبط ساعته على ﺃذان. الفجر. وينهض للصلاة. منذ تلك الليلة وفلاح يرى هذه الدنيا بعين ﺃخرى بعد ﺃن ﺃعاده اﷲ إلى (جادة) الصواب. كان فراقه ﺃصحاب السوء موقفا يجسّد الإعلان ل()التغيير الذي طرﺃ على هذا الشاب. كان تغييرا جذريا وهو يتجه إلى بيت اﷲ خمس مرات يوميا؛ لأداء، فريضته وليس ذلك، وحسﺐ فمنذ تلك اللحظة والدنيا () مختلفة تماما عما كانت عليه في، السابق إذ وجد فلاح () ذاته التي ظل سنين طوالا يهيم على وجهه باحثا، عنها وليس ذلك، وحسﺐ فهو اليوم موظف في إحدى، الشركات وكذلك () ﺃب، لطفلين كلما تأمل في عينيهما شكر اﷲ على هذه النعم التي مَنﱠ عليه، بها وعلى رﺃسها () الهداية (و)الذرية.