يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». فعزاؤنا في فقيد الأمة سلطان الخير أن يكون قد جمع بين هذه الثلاث معا. ففي سبيل العطاء يده ندية، ولا أدل على ذلك من مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية. وجاءت الموسوعة العربية العالمية التي قام رحمه الله بتحويلها من حلم صعب المنال إلى حقيقة تقدم المعرفة في أبعادها العربية والإسلامية والعالمية كعلم باقٍ ينهل منه القاصي والداني، ناهيك عن جوائزه الكثيرة في مجال العلم كجائزته للمياه، وجائزته لحفظ القرآن الكريم للعسكريين، وغيرهما. ونأتي لدعاء 25 مليونا من الأبناء الذين لهجت ألسنتهم بالدعاء له منذ أن فجعهم نبأ وفاته فجر يوم السبت الماضي يشاركهم الملايين من أبناء الدول العربية والإسلامية. ما أصعب الحديث عن رجل بقامة الأمير سلطان، وكُنه الصعوبة في استصغارك لما تكتب كلما استزدت كتابة. ذلك الرجل الذي كان سرُّه في ابتسامته فأنت تجد رجلا في أحلك المواقف يبتسم ابتسامة تنعكس على من حوله ثقة في النفس، كذلك رأيناه في زياراته لجنوده إبان حرب الخليج الثانية عام 1990 رغم عودته من رحلة علاجية والوطن على أبواب الحرب وهو في الخطوط الأمامية للقوات إلا أن ابتسامته زرعت في جنوده ثقة بالنفس وبالقيادة. وكذلك رأيناه العام المنصرم عندما عاد من رحلته العلاجية ولم يستكن فبادر بزيارة جنوده في الحدود الجنوبية وتقبيل رؤوسهم ومواساة جرحاهم ورفع معنوياتهم بنفس الابتسامة المشرقة. عظيم أيها الأمير الإنسان كشموخ جبال طويق التي ولدت في مشارفها، فلا أعلم بأيهما أبدأ أمير إنسان أم إنسان أمير فكلاهما كنت. رحمك الله أميرنا، وعزاؤنا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- حفظه الله - وللأسرة المالكة وللشعب السعودي الذي أحببته وأحبك، وللأمة العربية والإسلامية التي فقدت أحد روادها وقادتها. وإن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا لفراقك يا سلطان لمحزونون، ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.