وهو يستعد لمغادرة مكتبه بعد دوام يوم شاق، اقتحم سكون المساء من حوله شخص رث الثياب، تظهر على وجهه وعثاء السفر، وكآبة المنظر في آن واحد. كان يبكي بكاء شديدا، لاحظ «سوبرمان» ذلك وأخذه بكل حنان الدنيا من يده وأجلسه على الكرسي قبل أن يغادر من أجل أن يجلب له الماء البارد. شرب الرجل الغريب ذو الثياب الرثة، واستجمع قواه وبدأ يحكي قصته فقال: أنا مواطن، ضمن مجموعة من المواطنين الذين أرسلوني للاستنجاد بك. إننا نعاني كثيرا أيها السيد النبيل «سوبرمان»، الفساد أصبح حديثنا اليومي، معظمنا لا يجد مسكنا. عدا احتكار أراضي الصحراء يا «سوبرمان»، تخيل! ونسب العاطلين عن العمل التي تهدد استقرارنا، وفاتورة طويلة من المشكلات، «تكفى يا سوبرمان، الفزعة». ولعل الكلمات الأخيرة حركت فيه شيئا ما، لذلك نهض «سوبرمان» من مكانه، وطار إلى هناك بصحبة المواطن حتى دون أن يرتدي زيه الخاصة، والذي قرر أن «يفصله» هناك. عند وصوله، توجه إلى أقرب محل للخياطة، وبدأ بإعطائه المواصفات الخاصة بردائه، وعندما ذكر له علامته الخاصة «الإس» توقف العامل قائلا: «بس هذا الإس، علامة سوبرمان؟». ليبتسم ويجيبه: «نعم، أنا سوبرمان»، لتنتهي هذه الابتسامة بعدما فاجأه العامل بقوله: «لا أنت تبي تسبب لنا مشكلات، لازم شهادة حقوق ملكية فكرية». أكد له «سوبرمان» أنه سيحصل عليها ويعود، خلال ساعات». توجه فورا إلى الوزارة، وتحديدا إلى قسم حماية الحقوق الفكرية وذكر للموظف أنه سوبرمان، وأنه يريد أن يحصل على حقوق الملكية للحرف «إس» وأنه قادم هنا لحل مشكلات الفساد والبطالة والإسكان وحتى الأخطاء الطبية، فأجابه الموظف: «أنا غراندايزر، وخلك بالسرا إلين يجي دورك». صدم «سوبرمان» من تعامل الموظف، والتكشيرة التي لازمت وجهه! وعاد إلى الصف لينتظر عدة ساعات حتى حان دوره بعدها، وبدأ الموظف يسرد عليه قائمة طويلة من الأوراق التي يجب عليه إحضارها ليحصل على شهادة الملكية الفكرية، ومنها: شهادة إقرار من جميع الأبطال الخارقين بعدم اعتراضهم على حصوله على ملكية العلامة، تزكية من إمام المسجد، وعمدة الحي،... إلخ من قائمة طويلة يصعب حصرها. أمسك «سوبرمان» بورقة الطلبات محبطا، وغادر المكان واختفى لمدة تتجاوز الستة أشهر! آخر مرة شوهد فيها، كان يأكل «بروستد» في مطعم وجبات سريعة في أحد أحياء الدخل المحدود، الجدير بالذكر أن المطعم يحمل شعارا مزورا لمطعم آخر!