على الرغم من أنه ينتمي إلى فئة أفلام الإثارة والرعب التي غرضها دغدغة العواطف والانفعالات الإنسانية، وتدور معظمها في هذا الفلك من دون أن تقدم جديدا يذكر، إلا أن فيلم «منزل الأحلام» يخرج من تلك البوتقة ليقارب أفلام الرعب التي قدمها المخرجون الكبار مثل «البريق» لستانلي كوبريك، أو «النافذة الخلفية» لألفريد هيتشكوك، وليرسم ملامح دراما نفسية معقدة ومربكة توقع المشاهد في حبائلها شيئا فشيئا، ليغوص في خضم أسئلة نبش الماضي والبحث عن الهوية، وطلب الغفران والحصول عن السلام الداخلي. بناء الحاضر على واقع الماضي تدور أحداث الفيلم حول شخصية الكاتب «ويل اتينتون» الذي ينتقل هو وعائلته المكونة من زوجته «ليبي» وبنتيهما الصغيرتين «تريش» و«ديدي» من مدينة «نيويورك» إلى الضواحي الهادئة في «نيوانغلاند» بحيث يمكنه العمل على رواية، وهناك يتعرفون بجارتهم الجديدة «آنباترسون» المطلقة من زوجها «جاك» وتخوض معه معارك قانونية من أجل حضانة ابنتها المراهقة «كلوي». ومن هنا ستتكرر مشاهدة الفتاتين لرجل غريب يراقب منزلهما، وهو ما يدفع الوالدة «ليبي» للبحث في تاريخ المنزل، وسوف يكتشفون أنه قبل سنوات حدثت جريمة لسكان المنزل السابقين، عندما قتلت امرأة تدعى «إليزابيث» وابنتاها «بياتريس وكاثرين» وزوجها «بيتروارد» الذي نجا من الموت ليصبح المتهم الرئيسي بموتهم. حيث يسود الاعتقاد عند الزوجين والجيران أن «بيتروارد» عاد ليبدأ البحث عن معلومات عنه، وهو ما يقود إلى مستشفى للأمراض النفسية حيث أودع «بيتر» بتهمة الجنون لارتكابه الجريمة. وهناك وبتصعيد درامي مفاجئ، سنكتشف أن «ويل» هو نفسه «بيتر وارد» وقد خرج وخلق لنفسه هوية جديدة من أجل نسيان الحزن لوفاة عائلته، وهكذا ستبدأ رحلة إثبات البراءة، ومواجهة أشباح الماضي، عبر جارته «آن» التي كانت صديقة لأسرته وتؤمن ببراءته، وفي النهاية يعود «بيتر» إلى منزله القديم لمواجهة ذكرياته، وبمساعدة «آن» ويدرك أنه لم يقتل عائلته، وأن القاتل هو رجل محلي يدعى «بويس» الذي سيعود في محاولة لقتل «آن» بتوجيه من طليقها. وهنا ستحصل مواجهة تنتهي بقتل القاتل المأجور وجاك. ثم يعود «بيتر» إلى نيويورك بعد أن اكتشف الحقيقة ووجد السلام الداخلي، وبعد عام واحد سينشر كتاب بعنوان «منزل الأحلام» باستخدام اسمه الحقيقي، وبيتروارد، عن تجربته. فيلم رعب برؤية الكبار من أهم الركائز في تميز الفيلم هو السيناريو والحوار أولا، الذي قدمه كاتب أفلام الرعب الشهير «ديفيدلويكا» والذي أقام بنيانه السردي بحرفية اعتمادها على المفاجأة التي تدفع المشاهد دائما للتأمل والترقب، وهي ما عكسته الرؤية الإخراجية المبدعة للمخرج الأيرلندي العملاق «جيمشيريدان» الذي قدم سابقا أفلاما منها «قدمي اليسرى- 1989، الحقل- 1990، الملاكم 1993، وفي أمريكا- 2002، باسم الأب- الذي كتبه وأخرجه» حيث قدم لقطات تأملية فلسفية المضمون مشرعة على كل الاحتمالات، وبتقنية حرفية في تنفيذ مشاهد الرعب والإثارة بحيث يحبس أنفاس المشاهد، وتزيد في حديتها الموسيقى التصويرية الانفعالية التي وضعها الموسيقار المشهور في هوليود «جوني ديبني» الذي وضع موسيقى أفلام منها «مدينة الخطيئة» «الرجل الحديدي» وبالاعتماد أساسا على أداء الممثلين النجوم المذهل، وعلى رأسهم الممثل البريطاني«دانيا لكريغ» الذي لعب شخصية «جيمس بوند» في أخر نسخة، والنجمة المتألقة «راشيلوايز» الحاصلة على أوسكار أفضل ممثلة رئيسية عن دورها في فيلم «البستاني الوفي» التي تألقت في فيلم «أجورا» للمخرج الإسباني «اليخندرو امينابار» حيث لعبت دور الراهبة «هابيتا»، وكذلك وجود النجمة «نعومي واتس» بدور الجارة الذي أضفى بسحره على الفيلم. وهو ما انعكس على ضخامة ميزانية الفيلم التي بلغت 55 مليون دولار أمريكي. ولكن تتويج الفيلم الكبير كان بزواج الزوجين فيه وهما «دانيا لكريغ - راشيلوايز» الشهر الماضي في مدينة نيويورك على خلفية علاقة حب جمعتهما خلال التصوير. وبالرغم من ثناء النقاد عليه والإشادة بمستواه، لكن الفيلم جمع وفي ثاني أسبوع لعرضه في الصالات الأمريكية مبلغ لم يتجاوز عتبة ال15 مليون دولار أمريكي .