من أغرب ما يمكن أن يسمع في أي مكان في العالم أن تتخذ سلطة ما قرارا ثم لا تعوض الأطراف المتضررة من القرار، وهذا ما حدث مع المحال المتخصصة في بيع الشيشة والمعسل، فأمانة الرياض أكدت في الأيام الماضية أن لا تعويضات لهذا النوع من المحال، على الرغم من أنها محال مرخصة، وتمارس تجارة مسموحا بها في البلاد، ولم ترتكب أي فعل جرمي من أي شكل كان، ومع ذلك كله لن يحصل أصحابها على أي شكل من التعويضات، بل عليهم مغادرة الأحياء المأهولة وممارسة تجارتهم خارج النطاق العمراني، أو التحول إلى ممارسة أشكال أخرى من البيع. الصحوة التي تعتري أمانة منطقة الرياض مشابهة لكثير من الصحوات التي عرفها العالم العربي، فلمجرد أن هناك من غير قناعته تجاه موضوع ما تنقلب الأحوال، ويصبح المنقلب عليه هو المخطئ، وهذا بالفعل ما حدث مع محال بيع الشيشة والمعسل، فأضرار التبغ على الصحة العامة مسلم بها منذ عقود طويلة مضت، لكن اللافت في هذه الصحوة وهذا التحول أن الأسباب الصحية ليست الدافع، فقد سبق للمجلس البلدي للرياض أن أشار قبل أسابيع إلى أنه سيطيح بهذه المحال لأسباب أخلاقية، مشددا على أن دوره محاربة هذه الظاهرة، مع العلم أن أدواره في مجالات أخرى، لم يسمع أحد جعجعة فيها ولا طحنا، ولا حتى همسا. الحرب الشعواء على محال بيع الشيشة والمعسل المأمول منها أن تبقى مضبوطة في إطار القانون، وإن كان هناك من حقوق للمتضررين فيجب أن يحصلوا عليها بغض النظر عن الموقف الأخلاقي، كما أنه يجب التشديد على أن الرياض وسكانها لديهم الكثير من الهموم والحاجات، بالتأكيد في ذيلها إن كان لها ذيل إغلاق محال الشيشة والمعسل، وقد يكون في هذه الأيام والمجالس البلدية الحالية تستعد للمغادرة أن تسجل نصرا بإغلاق هذه المحال، نصر مثل خيوط دخان الشيشة، لكنه بالتأكيد ليس له رائحة المعسل.