تحركت الدبلوماسية الأمريكية للحد من مخاوف الدول الكبرى من مستقبل الاقتصاد الأمريكي ومحاولة طمأنة الشركاء الرئيسيين في المنطقة، بأن الخطة الاقتصادية التي يعمل عليها الاقتصاد الأمريكي حاليا لتجاوز الأزمة ستكون إيجابية وكافية لسداد مستحقات الدائنين في المنطقة، ومحفزة لهم لشراء سندات الدين الأمريكي الجديدة، التي تعتزم أمريكا طرحها. قال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس إنه ليس هناك ما يدعو الصين للقلق بشأن سلامة حيازاتها الضخمة من ديون الخزانة الأمريكية بينما عبر رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو عن ثقة قوية في متانة الاقتصاد الأمريكي المثقل بالديون. وجاءت هذه التصريحات المتبادلة في اليوم الثاني من زيارة بايدن إلى الصين التي تستمر خمسة أيام والتي يحاول خلالها تخفيف انعدام الثقة بين أكبر اقتصادين في العالم وبناء علاقات مع القادة الصينيين. وقال ون إنه على ثقة من أن الاقتصاد الأمريكي سيعود إلى مسار النمو القوي؛ وذلك بعد تصريحات مماثلة من شي جين بينغ نائب الرئيس الصيني الذي سيخلفه في المنصب على ما يبدو. وقال ون لبايدن «من المهم على وجه الخصوص أنك أرسلت رسالة شديدة الوضوح إلى الرأي العام الصيني بأن أمريكا ستفي بكلمتها والتزاماتها فيما يتعلق بالدين الحكومي وستحافظ على سلامة وسيولة وقيمة أوراق الخزانة الأمريكية». ويحاول الجانبان جاهدين الظهور بمظهر متناغم خلال الزيارة، بالرغم من حدث غير متوقع ليل الخميس، حيث تحولت مباراة لكرة السلة بين فريق جامعي أمريكي وفريق صيني محترف إلى مشاجرة. وتصريحات ون هي أول تصريحات لمسؤول صيني كبير تتطرق بشكل مباشر إلى أزمة الديون في واشنطن منذ أن خفضت مؤسسة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني الأمريكي هذا الشهر. وردا عليها أبلغ بايدن ون أن واشنطن تقدر وترحب باستثمار الصين في أوراق الخزانة الأمريكية. وقال بايدن «بمنتهى الصدق أريد أن أوضح أنه ليس هناك ما يدعو للقلق». وفي وقت سابق قال نائب الرئيس الأمريكي لمضيفيه إن «أحدا لم يكسب المال قط من المراهنة ضد أمريكا» بحسب نص تصريحات أدلى بها وزيارة بايدن للصين جزء من جولة تشمل منجوليا واليابان. وتتناقض تصريحات ون وشي الإيجابية مع الانتقاد الحاد الذي وجهه الإعلام الحكومي لتعامل واشنطن مع اقتصادها إذ إن الصين أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة. وتبرز تصريحاتهما العلاقة المعقدة والمتشابكة بين أكبر اقتصادين في العالم، فبينما تصارع الصين أمريكا في التجارة والرقابة على الإنترنت وحقوق الإنسان ومبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان إلا أنها تسعى أيضا لعلاقات مستقرة مع واشنطن. وقال وو تشي فنغ الخبير الاقتصادي في البنك الصيني للتنمية، وهو بنك حكومي في بكين، إن الصين ليس بوسعها فعل الكثير لبيع حيازاتها الدولارية القائمة. وأضاف «تعهد بايدن صحيح بمعنى أنه لن يحدث تخلف عن سداد ديون الخزانة لكن تعهده لا يعني أن القوة الشرائية لحيازات الصين من هذه الأوراق لن تتقلص». وذكر شي أن بايدن أطلعه يوم الخميس «على جهود الحكومة الأمريكية لتحفيز النمو والوظائف وخفض العجز في الموازنة والتعامل مع مشكلة الدين كما ينبغي، والحفاظ على ثقة المستثمرين العالميين. وقال شي في كلمة أمام قادة الأعمال «الاقتصاد الأمريكي مرن للغاية ولديه قدرة كبيرة على إصلاح نفسه بنفسه. وأضاف «نعتقد أن الاقتصاد الأمريكي سيحقق تنمية أفضل وهو يواجه التحديات». وجدد شي التأكيد على حاجة الصين وأمريكا للعمل معا لاستعادة الثقة في الأسواق العالمية وأضاف أن «الثقة أغلى من الذهب. وفي وقت سابق أقر بايدن بأن الصين لديها مخاوف مشروعة بشأن فتح الأسواق الأمريكية أمامها كما أن واشنطن قلقة بشأن مشكلات تواجهها الشركات الأمريكية في الصين». وعبر شي عن تفاؤله بأن الصين ستتفادى الانزلاق إلى الركود وهي تحاول إبطاء معدل التضخم. وقال إن الصين تأمل أن تخفف واشنطن القيود التجارية وأن تعامل الشركات الصينية معاملة عادلة. من ناحية أخرى قال مسؤول أمريكي إن أمريكا ستعلن اتفاقات تجارية بين شركات أمريكية والصين بنحو مليار دولار. وفي نفس السياق وضمن الأسواق العالمية، تراجع اليورو على نطاق واسع أمس، متأثرا بموجة بيع للأسهم الأوروبية بسبب مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية الضعيفة، ومخاوف بشأن البنوك الأوروبية جعلت المستثمرين يتخلصون من الأسهم ويقبلون على سندات الخزانة الأمريكية. وارتفع الفرنك السويسري مستفيدا من الطلب على العملات، لكن مكاسبه محدودة بسبب استمرار التكهن بأن السلطات السويسرية ستتدخل مجددا للحد من صعود العملة. ويحظى الدولار بدعم أيضا إذ إن من المتوقع ارتفاع الطلب على أكثر العملات سيولة في العالم نظرا إلى علامات متزايدة على أن المؤسسات المالية قد تواجه مشكلات تمويلية. وقال محللون إن المستثمرين يتأثرون بشكل متزايد بعلامات على ضغوط تمويلية بعد أنباء في وقت سابق هذا الأسبوع عن أن بنكا من منطقة اليورو لم يرد اسمه اقترض 500 مليون دولار لأجل أسبوع من البنك المركزي الأوروبي. وتراجع اليورو 4. 0 % مسجلا أدنى مستوى في الجلسة عند 4259. 1 دولار بعدما سجل أعلى مستوى فيها عند 4340. 1 دولار. ويواصل اليورو خسائره للجلسة الثانية تحت ضغط من تراجع الأسهم الأوروبية 3 % مقتفية خسائر أسواق الأسهم العالمية بعد قراءة ضعيفة لنشاط المصانع الأمريكية أمس الأول أذكت المخاوف من تباطؤ الاقتصاد. وانخفض اليورو 1 % مقابل الفرنك السويسري إلى 1284. 1 فرنك. وبفضل دعم واسع النطاق للدولار ارتفعت العملة الأمريكية 3. 0 % إلى 443. 74 مقابل سلة عملات لكنها ظلت تحت ضغوط بيعية مقابل الين الذي يعتبر أيضا ملاذا آمنا. وتراجع الدولار 4. 0 % إلى 37. 76 ين مقتربا من مستواه القياسي المنخفض 25. 76 ين ومؤججا التكهنات بأن اليابان قد تتدخل في السوق للحد من صعود عملتها .