«اللعنة على الأجانب».. هذه هي الرسالة التي بعث بها شخص ما إلى موقع «تويتر»، حين انتشرت أخبار عن تجمع أتراك وأكراد في شوارع شرق لندن للدفاع عن متاجرهم في مواجهة أعمال السلب والنهب التي سادت العاصمة البريطانية قبل أن تهدأ الأحوال أخيرا. ومضت الرسالة تقول «يأتون إلى بلادنا ويحمون أحياءنا ومجتمعاتنا بدءا ببائعة بولندية تم تصويرها وهي تقفز من مبنى يحترق وانتهاء بطالب ماليزي تعرض للسرقة بالإكراه بعد ضربه». وكان الكثير من الضحايا الذين احتلت أخبارهم عناوين الصحف خلال أعمال الشغب التي شهدتها لندن من الأجانب. وهذه ليست مفاجأة.. لأن معظم الموجودين في لندن هذه الأيام من الأجانب. وتشير أرقام صادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات ببريطانيا إلى أن أكثر من نصف سكان المدينة « 52.2 %» ولدوا خارج بريطانيا. وجاء كثير من سكان لندن أو فروا من دول لها تاريخ من العنف والحرب والقضاء المتعسف. وحين شهدت العاصمة أسوأ أعمال شغب خلال أكثر من 20 عاما، الأسبوع الماضي، اتسمت جموعها من الأجانب بالهدوء وواصلت حياتها بشكل طبيعي. وتمثل منطقة دالستون نموذجا للندن الحالية من حيث تنوع جنسياتها. وبدأ الأتراك يتوافدون إلى هنا منذ نحو 30 عاما، والآن يزخر الشارع الرئيس بالقصابين الذين يبيعون اللحوم المذبوحة طبقا للشريعة الإسلامية، ومتاجر البقلاوة التي تبيع الحلويات والمقاهي والنوادي الاجتماعية التركية. ومن بين الأعمال التجارية هناك مكتبة ومتاجر يملكها آسيويون، وشركات لسيارات الأجرة يديرها أفارقة انضموا جميعا إلى أصحاب متاجر آخرين في الشارع حتى يضمنوا ألا تحدث مشكلات بعد انتشار أخبار عن أن مثيري الشغب سيأتون إلى حيهم. وكانوا بذلك يساعدون الشرطة. وأصبحت الجالية البولندية الأكبر من المواطنين غير البريطانيين في المملكة المتحدة، وقوامها الآن نحو نصف مليون نسمة. وخلافا للمهاجرين من دول أبعد، فإنهم يجدون سهولة في الحضور والذهاب مع الصعود والهبوط في سوق العمل. وعاد البعض بالفعل إلى بلادهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بريطانيا منذ عام 2008. ويرى كثير من الأجانب أن لندن مدينة آمنة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى؛ ولذلك كانت أعمال الشغب بالنسبة إليهم صدمة وضاقوا ذرعا بمثيريها.