ينتظر أن تبدأ أمريكا موجة استنجاد مطلع الأسبوع المقبل، بحلفائها الرئيسيين في المنطقة، لشراء سندات الدين الحكومي، على الرغم من توقعات وكالات التصنيف العالمية، بنظرة سلبية للاقتصاد الأمريكي، إلا أن التوجه نحو الدول الأكثر سيولة والأكبر احتياطي ومنها المملكة، ستكون الملاذ الوحيد لأمريكا للتخلص من أعباء نقص الموازنة الفيدرالية وابتعادها عن مخاطر الإفلاس التي أوصلت مديونياتها إلى أكثر من 14 تريليون دولار أمريكي. وأوضح عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل، أن المملكة تحتل المرتبة الخامسة في الدول الدائنة لأمريكا والمالكة لسندات الدين العام الأمريكي، حيث إن الصين تحتل المرتبة الأولى بامتلاكها 300 مليار دولار من سندات الدين الأمريكي. وأشار الدكتور فاضل المتخصص في العلوم السياسية، إلى أن السياسة الأمريكية ومنذ 20 عاما تقود العالم نحو الهاوية، وأن المحافظين في الإدارة الأمريكية وما نتج من فترة بوش الأب ومن بعده بوش الابن، وما خلف ذلك من تبعات اقتصادية وسياسية على العالم، أدخلت أمريكا بشكل خاص والعالم بشكل عام، في نفق مظلم من الأزمات المالية بسبب الحروب وبخاصة الأخيرة التي قادتها أمريكا في العراق وأفغانستان. وألمح فاضل إلى أن اجتماع دول ال20 أمس والذي تحل المملكة أحد أعضائه الفاعلين، سيرتكز على محورين اقتصادي وسياسي، حيث إن الشق الاقتصادي بحاجة إلى معالجة واضحة للسياسة المعمول بها من قِبل دول ال20 تجاه دول العالم، لأن ملامح ونتائج تلك الاجتماعات لم تتضح بشكل عملي وبخاصة، أن أوروبا لا تزال تعاني أزمات مالية متلاحقة على دولها، والدول الفقيرة تعاني مجاعات ومنها الآن الصومال، إضافة إلى أن أمريكا دخلت في تقديرات سلبية لمستقبل اقتصادي والذي يقود العالم فعليا بكل متغيراته. وفي الإطار ذاته قال نائب وزير المالية الكوري الجنوبي تشوي جونج كو لرويترز إن نواب وزراء مالية من مجموعة ال20 عقدوا مؤتمرا عبر الهاتف صباح الأمس لبحث أزمة الديون الأوروبية وخفض التصنيف الائتماني لأمريكا. وأضاف تشوي أن ثقة كوريا الجنوبية في سندات ديون الخزانة الأمريكية لم تتغير على الرغم من فقد أمريكا لتصنيفها الائتماني الممتاز «ايه ايه ايه» وامتنع عن الإدلاء بتفصيلات بشأن مناقشات مجموعة ال20. وقال تشوي بالتليفون «أوضحت موقف بلادنا خلال المكالمة أنه لن يكون هناك تغير مفاجئ في سياسة إدارة الاحتياطي»، مشيرا إلى ملكية البلاد الكبيرة لسندات أمريكية من بين أكثر من 300 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية. وعاد فاضل ليؤكد أن سياسة أمريكا في اعتمادها على الضرائب وتحصيلها، سوف تنخفض تدريجيا، بعد اتفاق الجمهوريين والديموقراطيين المؤقت على رفع سقف الدين العام، والاقتراض بما يلبي حاجات أمريكا حتى نهاية العام 2013، ما يدفع أمريكا إلى التوجه نحو الاستدانة من الدول الصديقة لسد العجز المتوقع بشكل سنوي، ما سيرفع أسعار الفائدة على تلك الديون، مع إمكانية عدم الاستفادة الكبيرة من الدول الدائنة لأمريكا في حال إطالة فترة الدين والمؤشرات السلبية على مستقبل الاقتصاد لأمريكا. وفي السياق نفسه، رتب زعماء عالميون أمس الأول جولة من المكالمات الهاتفية الطارئة لبحث الأزمة المزدوجة للديون في أوروبا وأمريكا التي تسبب الفوضى في الأسواق المالية. وقالت مصادر في البنك المركزي الأوروبي إن مجلس تحديد السياسات في البنك عقد مؤتمرا نادرا عبر الهاتف أمس للتحدث بشأن مشكلات منطقة اليورو. وتترقب الأسواق بقلق البنك المركزي كي يبدأ شراء ديون إيطالية وإسبانية اليوم «أمس» لتحقيق استقرار الأسعار وهو تحرك تسبب في انقسام مجلس إدارة البنك. لكن المزيد من الضغط على سندات البلدين بعد المبيعات القوية الأسبوع الماضي يمكن أن يقوض النظام المصرفي الأوروبي المتضرر بالفعل ويبقي إيطاليا خارج الأسواق على الرغم من كونها ثامن أكبر اقتصاد في العالم. وزاد من تدهور التوقعات خفض وكالة ستاندرد اند بورز التصنيف الائتماني لأمريكا في وقت متأخر الجمعة الماضي بسبب بواعث القلق بشأن العجز في ميزانيتها وتزايد عبء الديون. وعلى الرغم من أنها لم تكن مفاجأة كاملة إلا أن فقدان القوة الاقتصادية العظمى في العالم لمكانة الدرجة الأولى AAAاجتذب انتقادا حادا من الصين وهي مالك كبير لسندات دين أمريكية، وأثار مخاوف من مزيد من القلق في الأسواق المالية العالمية. وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن كاميرون بحث أمس الأول الوضع المالي في ضوء خفض التصنيف الأمريكي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يرأس مجموعة ال20 للاقتصاديات الكبرى في العالم. وقال متحدث باسم كاميرون «تحدث رئيس الوزراء هذا المساء عبر الهاتف مع الرئيس الفرنسي ساركوزي». وأضاف «بحثا (الوضع في) منطقة اليورو وخفض تصنيف الدين الأمريكي. واتفقا كلاهما على أهمية العمل معا ومراقبة الوضع عن كثب والبقاء على اتصال على مدى الأيام المقبلة. وقال مصدر دبلوماسي أمريكي كبير إن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى سيتشاورون عبر الهاتف. وانتقدت الصين بحدة أمريكا بعد خفض مؤسسة ستاندرد اند بورز التصنيف إلى AA plusوقالت إن واشنطن لا ينبغي أن تلومنا إلا نفسها ودعت إلى عملة مستقرة جديدة للاحتياطي العالمي. وقالت وكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا «يجب على أمريكا أن تدرك الحقيقة المؤلمة بأن الأيام الخوالي عندما لم يكن عليها سوى أن تقترض للخروج من كل ورطة تصنعها قد ولت أخيرا». وبعد أسبوع فقدت فيه الأسواق العالمية 2.5 تريليون دولار من قيمتها جاءت خطوة ستاندرد اند بورز لتعمق المخاوف من ركود وشيك في أمريكا في حين تكافح دول منطقة اليورو للتغلب على أزمة ديون خاصة بها .