تملك القلق والحذر الأسواق الآسيوية أمس جرّاء عواقب الخفض التاريخي للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة على الرغم من تأكيدات البنك المركزي الاوروبي المهدئة من تأثيرها. وفي مواجهة المجهول هرع المستثمرون لشراء الذهب الذي سجل مستوى قياسيًا جديدًا متجاوزًا 1712 دولارًا للأوقية (الأونصة) بينما هوت أسواق الأسهم من جديد. وكتب الاقتصادي نوريل روبيني في صحيفة فايننشال تايمز عن حالة الحذر قائلا «القرار المضلل لستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الامريكي في وقت يشهد اضطرابا حادا في الاسواق وضعفا اقتصاديا يزيد من فرص تجدد حالة الركود بل وعجز مالي أكبر. «من ثم هل يمكنا تفادي ركود آخر؟ ببساطة ربما تكون مهمة مستحيلة.» وزاد الاضطراب في الأسواق من حالة الفزع التي تنتاب المستثمرين إذ جاء رغم تأكيد وزراء مالية مجموعة السبع «استعدادهم للتحرك لضمان استقرار الأسواق وتوافر سيولة.» ولفترة وجيزة فقط ألقى المستثمرون بالا لبيان مفاجئ للبنك المركزي الاوروبي يعلن فيه «تطبيقا فعالا» لبرنامج شراء سندات مثيرة للجدل للتصدي لأزمة الديون في منطقة اليورو. وبالفعل ارتفعت أسعار السندات الحكومية الايطالية والاسبانية عند بدء التعاملات في أوروبا. ووجه المستثمرون اهتمامهم لما قد يقوله مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في اجتماعه اليوم الثلاثاء مما أذكى تكهنات بأنه قد يتوجب عليه قريبا النظر في إعلان دفعة ثالثة من اجراءات التيسير الكمي لإنعاش أغنى اقتصاد في العالم. وعقب مؤتمر نادر على الهاتف البارحة الاولى رحب البنك المركزي الأوروبي بإعلان كل من اسبانيا وايطاليا اجراءات جديدة لخفض العجز واصلاحات اقتصادية فضلا عن تعهد فرنسي ألماني باضطلاع صندوق انقاذ لمنطقة اليورو بمسؤولية شراء السندات عندما يبدأ العمل في أكتوبر على الأرجح. وقال مصدر نقدي: إن هذا يعني ان البنك على استعداد للبدء في شراء ديون الدولتين. وأضاف المصدر «ستتدخل آلية اليورو بشكل كبير في الأسواق وستكون الاستجابة هائلة ومتسقة.» وتردد البنك المركزي في التوسع في شراء الديون المتعثرة خشية أن ينظر اليه على أنه يقدم مساعدة لحكومات مسرفة بلا مقابل. ومنذ بدء البرنامج في مايو من العام الماضي اشترى البنك سندات بقيمة 80 مليار يورو فقط بينما تصدر ايطاليا واسبانيا وحدهما سندات بما قيمته نحو 600 مليار سنويا. وقال متعاملون: إنه ينبغي التعهد بشراء سندات بمئات المليارات من اليورو كي يمكن تجاوز المخاوف من اتساع نطاق أزمة الدين في منطقة اليورو. وفي الوقت ذاته أعلنت مجموعة السبع أنها ستقوم بتحرك مشترك في اسواق الصرف إذا لزم الامر لأن «التحركات غير المنظمة ... تأتي بآثار عكسية على الاستقرار الاقتصادي والمالي.» وتتنامى الضغوط الآن على مجلس الاحتياطي الاتحادي لاتخاذ مزيد من اجراءات التيسير الكمي ولكن ليس هناك من يتوقع اي تحرك هام في اجتماع الغد. ولم تكن كل هذه التحركات كافية لطمأنة الصين أكبر دولة دائنة لواشنطن. ونشرت صحيفة الشعب اليومية في الصين «ينبغي إدراك أنه إذا فشلت الولاياتالمتحدة وأوروبا والاقتصادات المتقدمة الاخرى في تحمل مسؤولياتها ... فإنها ستعوق بشكل خطير نموًا مستقرًا للاقتصاد العالمي.» وتحتفظ الصين بسندات حكومية امريكية تتجاوز قيمتها تريليون دولار ومن ثم لم يرضها خفض ستاندر اند بورز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وهي الخطوة التي أغضبت أيضًا وزير الخزانة تيموثي جايتنر. وفي مقابلة مع تلفزيون ان بي سي وسي إن بي سي قال جايتنر: إن وكالة التنصيف «أظهرت سوء تقدير بالغا حقا» وزعم أن خفض التصنيف لا يعني شيئًا ولن يؤثر على ثقة المستثمرين في السندات الأمريكية. وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا: إن السوق تثق في الدولار وأن سندات الخزانة الامريكية لم تضعف وأشار لاستعداد طوكيو الاحتفاظ بحيازتها الضخمة من السندات الحكومية الامريكية.