لم تواجه منشأة من الانتقادات مثلما واجهته الخدمات الطبية والخطوط الجوية من تردي الخدمات وتواضعها إلا أن ذلك لم يحرك فيها ساكنا وبقيت على مستواها وكأنها وضعت في إحدى إذنيها طينا والأخرى عجينا ولأننا متفائلون فلا نزال نأمل بتحسن الخدمات بعد أن وصل السيل الزبى مجلس الشورى الذي أبدى عدم رضاه عن مستواهما وطالبهما بتحسين الخدمة وتقديم ما يستحقه المواطن ويساوي ميزانياتها الضخمة. القاسم المشترك هنا حكاية في غرابتها قد تصنف أنها من نسج الخيال وهي أن مواطن يطارد السراب للحصول على موعد طبي لطفلته المريضة وبعدما نشف ريقه حصل على موعد بعد أشهر ولكنه لم يقتنع بمبررات التأخير وبقي يحاول هنا وهناك وفي مكالمة له مع صديق عربي في هولندا دار الحديث عن حالة ابنته الصحية وأخبره أنه حصل على موعد لإجراء عملية جراحية ولكنه «بعييييييد» وبعد إنهاء المكالمة بساعات عاود صديقه الاتصال به وأخذ بيانات ابنته ووعده خيرا لمصادفة وجود قريب له يعمل في المستشفى، وفي اليوم التالي ساق له البشرى بتوفير سرير وعليه أن يتوجه على أقرب رحلة للخطوط من جنوب المملكة إلى وسطها وهنا بدأ بمعاناة أخرى وهي حجز مقاعد وحينما فشل عن طريق الموقع الإلكتروني والرقم التلفوني استنجد بالأصدقاء والمعارف حتى حصل على مقاعد كانت عصية على التوفير. هذه الحكاية تصرخ احتجاجا لهذا الخلل الكبير فبقدر ما تكون الخدمة صعبة بالطرق النظامية نجدها سهلة للغاية لمن يملك الحل السحري «الواسطة» ما يعني أن الصعوبة مفتعلة وغير واقعية وأن هناك مستفيدين من التعقيد حتى يكونوا من أهل الحل والعقد ولكن لو أن هناك معايير واضحة وعقوبات صارمة على من يتجاوزها لما وصل بنا الأمر إلى التوسط عبر القارات لتجاوز بيروقراطيتنا المحلية.