منذ فترة قصيرة اتصل شخص وهو يعمل عند والدي وكنت أرد على المكالمات ولاحظت كثرة اتصالاته ومنذ أسبوعين من اليوم قال لي كلام حب أخجل من كتابته ودائما أتهرب من مكالماته ولكن ترد أختي الصغيرة مما يضطرني إلى مكالمته، ثم قال إنه مستعد للتقدم لخطبتي ولكن بعد أن يتعرف علي تماما وأخذ يسأل عن شكلي وبعض الأمور الخاصة وكنت أرد على بعضها وأتجاهل الذي يحرجني، فهل أستمر معه أم أقطع المكالمات معه لربما كان قصده شريفا؟ الجواب ماذا عساي أقول لك، كأني ألمس منك الرضوخ لهذا الرجل رغم الخديعة البادية في كلامه، وربما قد لا تصدقين أن الكثير والكثير جدا من أخوات خدعن من مثل هذا الذي يتعامل معك بل يخدعك ويغشك. إن للبيوت أبوابا فليطرقها إن كان صادقا وليتعرف عليك حينئذ ولن يلومه أحد إذا دخل المدخل الرسمي ولم يكن خلف الأسوار والهواتف يهاتفك ويبث ألاعيبه عليك. كم هي رقيقة هذه المرأة حينما يسهل خداعها من رجل لا يراها إلا من خلال عينين شهوانيتين يبذل لها المعسول من الكلام.. فترتاح إليه وتصدقه وترسم في مخيلتها أحلى الأماني معه، وتتصور الحياة عذابا من دونه. تتمايل في عينها أجمل الصور والخيالات مع ذلك الفارس الذي نزل لها من السماء من خلال سماعة الهاتف.. فلا يزال يغذيها بالكلام العاطفي والرومانسي والجميل، وصورة الخيالات تكبر في عينيها.. وصدقه وإخلاصه يتعاظم في ناظريها، وحلاوة العيش معه تسيطر على عقلها فلا تكاد المسكينة تريد الابتعاد عنه ولو للحظة. وهكذا يستمران – الرجل والمرأة- على هذه الحالة حتى يحصل المراد وينتهك الشرف ويلوذ المخادع بالفرار ويرمي المرأة بالخطيئة والعار بعد ما رمى قلبها بالحرقة والنار. بعض النساء أو الغالب منهن تعرف تماما وتجزم بدرجة كبيرة أن ما تسمعه إنما هو كذب وهراء ويعلم الكثير ممن دخلن وجربن هذه المجالات أن ما يسمعنه من معسول الكلام ليس له من الحق والصدق حبة خردل ولكنهن بدافع حب العبث وتمضية الوقت يلجن هذا المجال.ومنهن من تستمر بدافع قلة العاطفة الموجودة في حياتهن أو انعدامها فتحب أن تملأ فراغ العاطفة لديها من خلال ذلك الشاب حتى ولو كان الأمر برمته كذبا في كذب مع علمها التام بذلك. ولكن المصيبة العظمى حينما نأتي للنتائج لمثل هذه الأعمال، بعد أن ينتهك العرض ويزول الشرف وتعيش حينها الفتاة أشد فترات الحياة عذابا وألما وحسرة، أما ذلك الفارس الذي طالما أطلق الكلام المعسول فقد ولى هربا ولسان حاله يقول: لست أريد التي تبيع عرضها لرجل أعطاها كلاما وما أرخصه وأعطته عذريتها وما أغلاها وشتان بين الثمن والبضاعة. فيا أيتها الأخت الكريمة الخلاص.. الخلاص.. والهرب من فعل هذه الأعمال التي لن تجني منها إلا الحسرة المضاعفة. بادري أولا بتجاهل هذا الرجل، فإن استمر فأخبريه بأن للبيوت أبوابا يجب إن كان جادا طرقها فإن لم يمتثل لهذا ولا لذلك فهدديه بإخبار والدك بذلك. وسأهمس في أذنيك علامة جديته وصدقه من لعبه وكذبه. إنها المخاطبة الرسمية من قبله لوالدك حول الزواج منك، إنني أكاد أجزم أنه لن يقدم وسوف يذكر لك العديد من المبررات التي تمنعه من مصارحة والدك بهذا الأمر والتقدم لخطبتك وستجدين منه تهربا مستمرا من طرق مثل هذا الموضوع الجاد معك. ولتكتشفي في النهاية أنه لا يراك إلا من خلال عينين شهوانيتين يرى بهما جسدك ويتصور الحرام ويمني نفسه بذلك، وإن كان قد غلفه بغلاف الحب والزواج الذي هو من متطلبات الوقوع في الحرام واصطياد الفريسة. حرسك الله وحرس شرفك وعفافك من عبث العابثين. المجيب د. محمد بن عبدالرحمن السعوي مستشار اجتماعي